جحيم غزة المستمر.. ومصر تحت الضغط
لا يزال جحيم غزة يتسع ويتعاظم كل يوم، ويقدم أهلنا الفلسطينيون تضحيات جسيمة ويتحملون عذابات عظيمة لا لأجل غزة وفلسطين وحدها، وإنما نيابة عن كل المنطقة ولأجلها.. إن «الإسرائيلي» في هذا السياق يعمل ما في وسعه لجعل الحياة في قطاع غزة أمراً شبه مستحيلٍ، ضاغطاً بذلك باتجاه التهجير، ومهدداً مصر.
يستمر الصهيوني في إجرامه بإطار ما أسماه «عمليات عربات جدعون» الأخيرة، والتي أنتجت حصاراً إنسانياً خانقاً على سكان غزة البالغ عددهم مليونين، وصلت حدّ المجاعة، وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين نتيجة الجوع وسوء التغذية أكثر من 150 بينهم أطفال.
وبالإضافة لذلك، يستهدف العدو «الإسرائيلي» منتظري المساعدات الإنسانية المدنيين بالرصاص الحيّ، ووفقاً للأمم المتحدة فقط استشهد نحو 1373 فلسطينياً أثناء انتظارهم المساعدات في غزة منذ27 أيار 2025، وفي 2 أب قتل أكثر من 35 فلسطينياً من منتظري المساعدات عند محوري زيكيم ونتساريم، بينهم أطفال ونساء.
وأمام هذا الوضع تقوم مجموعة صغيرة من الدول بينها الأردن ومصر وفرنسا وغيرها بإلقاء إنزالات جوية لمساعدات إنسانية، إلا أنها لا تشكل قطرة ببحر الاحتياج لسكّان القطاع.
وفوق ذلك تستمر العمليات العسكرية للعدو الصهيوني بالقصف المدفعي والجوي على مناطق متفرقة من قطاع غزة، مستهدفاً المباني السكنية، والطبية، والبنية التحتية للقطاع عموماً، واضعاً هدفاً إجرامياً بتهجير مليوني فلسطيني نصب أعينه.
في المقابل، ورغم هول الوضع الإنساني، وصعوبة العمل العسكري، تستمر المقاومة الفلسطينية في غزة بالمواجهة العسكرية المباشرة مع جنود وآليات العدو محققة أهدافاً دقيقة بعمليات نوعية، كان من أواخرها تفجير عبوات ناسفة بمحاضن العدو الصهيوني جنوب مدينة خان يونس، واستهداف جنوده وآلياته بقذائف الهاون وصواريخ من نوع «رجوم».
على المستوى السياسي، تعرقلت مفاوضات الدوحة الأخيرة بشكل مقصود من قبل «إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يصرّان على استسلام «حماس» بشكل كامل وتسليم سلاحها، وهو مطلب وشرط مسبق يهدف بالضبط لنسف المفاوضات، لتؤكد «حماس» رفضها القاطع لتسليم سلاحها قبل قيام دولة فلسطينية كاملة، وتطالب باتفاق شامل ينهي الحرب للإفراج عن كامل المختطفين «الإسرائيليين».
إن عرقلة المفاوضات تهدف لشراء الوقت بغية الضغط على مصر في سياق خطة التهجير لفلسطينيي قطاع غزة، إلا أن مصر تقف موقفاً حازماً بهذا الشأن، وتتعرض لضغوط سياسية واجتماعية كبيرة، فمن جهة يُعد تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء تهديداً للأمن القومي المصري من قبل العدو الصهيوني، ومن جهة أخرى فإن تحدّي الصهيوني والأمريكي وإدخال المساعدات لقطاع غزة براً– مروراً بسيناء عسكرياً- يحتاج تنسيقاً إقليمياً ودولياً عالياً، ويمكن أن يتحول إلى إجراء تصعيدي كبير، وبذلك فإن مصر تواجه بالفعل تهديدات غير مسبوقة ذات طابع مركب، وإن استمرار الوضع في غزة على حاله سيدخل المنطقة بنفق مظلم، فضلاً عن المآسي التي حلّت بسكان القطاع.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1237