من سيدفع ثمن الفشل في غزّة؟!
قدّمت حكومة الكيان طلباً إلى المحكمة العليا في 12 شباط الجاري تحث فيه القضاء على رفض الالتماس الذي تقّدمت به منظمة «حراس الديمقراطية [الإسرائيلية]» للكشف عن تفاصيل الاتفاق مع حركة حماس، وأكد مندوب النيابة العامة في «إسرائيل» أن الكشف من شأنه أن «يسيء إلى مسار إطلاق المخطوفين المحتجزين في القطاع» بحسب توصيفه، إلا أن المنظمة التي تطالب بكشف التفاصيل ترى أن دحض الادعاء ليس صعباً، وخصوصاً أن الطرف الفلسطيني المعني يعرف التفاصيل كلّها، واعتبرت أن إخفاءه عن الإعلام مرتبط بدوافع سياسية!
في الحقيقة، شكّل الاتفاق ضربة قاسية للكيان، وتحديداً لنتنياهو وفريقه، فبعد تعنت رافقته حرب إجرامية على القطاع، لم يستطع أصحاب القرار تحقيق غاياتهم، وكنا أشرنا في مقالات سابقة إلى أن الآجال الزمنية لتحقيق المخطط الصهيوني في القطاع ليست مفتوحة، وما أن بدا واضحاً استحالة تهجير سكان القطاع أو القضاء على حماس، حتى أصبح الاستمرار في هذا النهج أشبه بالمستحيل، وخصوصاً مع وصول ترامب إلى السلطة بأجندة مختلفة، فترامب لن يكون رسول سلام بالطبع، ولكنّه لا يرى جدوى من استمرار العمليات العسكرية بالزخم السابق، ويرى ضرورة إيقاف الحرب والانتقال إلى وسائل ضغط وابتزاز أخرى، وهذا ما جعل الإدارة الحالية داخل الكيان في مأزق، فهم غير قادرين على الاستمرار بالشكل السابق مع غياب الضوء الأخضر الأمريكي، ولذلك لن يكون أمامهم خيار آخر سوى الرضوخ.
هذا لن يمر دون رد فعل كبير داخل الأوساط السياسية وحتى في الشارع، فحجم الخسائر البشرية والاقتصادية غير مسبوق، وستكون له آثار كبيرة على المجتمع، وخصوصاً أن الاتفاق يمثل هزيمة واضحة لـ «إسرائيل» فحجم الدمار والإجرام الذي لحق بالقطاع والفلسطينيين لا ينظر له على أنّه إنجاز داخل الكيان، فكان عدد من المحللين يحذرون أن إحراز «إسرائيل» لنصر عسكري لا يعني بالضرورة تحقيق مكسب استراتيجي، لنصل إلى لحظة فشل فيها جيش الاحتلال في تحقيق انتصار عسكري ملموس، ورضخ في نهاية المطاف لمطالب حماس.
ما سبق يوضّح الأسباب وراء محاولة إخفاء تفاصيل الاتفاق والمعركة الدائرة حول الموضوع، فالخيار الوحيد اليوم أمام أصحاب القرار، هو ببساطة تأخير مصيرهم المحتوم، وفي الحقيقة سيتوجب دفع ثمن سياسي كبير بعد هذه المغامرة، والمفارقة أن من يتحمل المسؤولية لن يكون فريق نتنياهو وحده، بل القوى السياسية داخل «إسرائيل» كلها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1214