أوكرانيا في نهاياتها: سواء الحرب... أو وجودها الجغرافي
دخل الصراع الأوكراني مراحله النهائية، وبدأت الأحاديث تدور عن مرحلة ما بعد الحرب، وتضع معظم الدول تصوّراتها ورغباتها في هذا السياق، حيث يريد الأمريكيون مواردها الثمينة مقابل الإنفاق والدعم العسكري الذي قدموه لها، بينما يتنافس الأوروبيون حول نفوذهم على الأراضي الأوكرانية بعناوين «قوات حفظ السلام» كمثال واحد، أما موسكو فإنها تمضي نحو تحقيق أهدافها كاملة.
بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصالاته بالفعل مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول الملف الأوكراني، فوفقاً لصحيفة «نيويورك بوست» تحدث ترامب مع بوتين يوم السبت 8 شباط، وقال ترامب، بأسلوبه: إنه يؤمن بـ «اهتمام» بوتين بوقف الحرب، ووفقاً لـ «بوست» قال ترامب أيضاً: إن بوتين «لا يريد أن يرى مزيداً من الأشخاص يقتلون»، ووفقاً للصحفية أجاب ترامب عن سؤال يتعلق بعدد المرات التي تحدث بها مع بوتين «أفضل عدم القول».
يشير هذا الأمر إلى أن الاتصالات الروسية الأمريكية والتنسيق فيما بينهم، تجري على أعلى مستوى، الرئاسة مباشرة، وفي هذا السياق يمكن استنباط وجود حالة من التعاون بين البلدين لإنهاء الصراع الأوكراني، ويمكن فهم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية الأخيرة بأن تجري أوكرانيا انتخابات رئاسية وتشريعية، الأمر الذي كان مطلباً وشرطاً روسياً لبدء المفاوضات، نظراً لأن زيلينسكي تجاوز فترته الانتخابية الدستورية، وبات وحكومته غير شرعيين.
وفي الحقيقة، تهدف مسألة الدفع نحو الانتخابات للتخلص من تيار زيلينسكي المتطرف والمعرقل نفسه، وهو ما كنا قد ذكرناه سابقاً بمقالات عدّة، أنه وبحال استمرت حكومة زيلينسكي بتشددها خلافاً للتطورات والتوافقات الدولية، فستجري محاولات للتخلص منه، خاصةً وأن حكومته خسرت شعبيتها بشكل كبير في الداخل الأوكراني، وعليه، فإن الانتخابات ستكون بمصلحة كلاً من الأوكرانيين الراغبين بغالبيتهم انتهاء الحرب من جهة، ومنه، بطبيعة الحال، ستنتج حكومة جديدة أكثر مرونة تتوافق مع المسار الدولي من جهة أخرى.
يجري العمل حالياً، على أن تجري الانتخابات الأوكرانية خلال الأشهر المقبلة، وقبل نهاية العام الجاري بالحد الأقصى، ونحو التوصل إلى اتفاق هدنة يوقف الصراع المسلح ويْلزم أوكرانيا بها، وإطلاق محادثات روسية - أمريكية تمهيداً لمفاوضات روسية – أوكرانية – أمريكية بعد الانتخابات تْنهي الصراع تماماً.. وفي هذا السياق بات تنازل أوكرانيا عن أراضيها السابقة لروسيا والاستفتاءات التي أجرتها في القرم ودونيتسك ولوغانسك تحصيلاً حاصلاً.
مع هذه التطورات، بات من الواضح وجود تنافس أوروبي- أمريكي من جهة، وأوروبي– أوروبي من جهة أخرى، حول النفوذ في أوكرانيا ما بعد الحرب، والاستفادة من مرحلة إعادة تأهيلها بسياق الاستثمارات ونهب الموارد، أي وباختصار، تنافساً حول «الكعكة» الأخيرة.
فخلال الأشهر الماضية، وحتى الآن، تدور أحاديث حول ارسال قوات دفاع، أو حفظ سلام بولندية أو فرنسية أو ألمانية أو بريطانية، وتوضع خرائط لمناطق سيطرة كل واحدة منها، ليأتي ترامب مؤخراً ويشترط على الأوكرانيين أياً تكن حكومتهم، أن عليهم الدفع للولايات المتحدة مقابل دعمها ومساعداتها لها من مواردها الطبيعية، وتحديداً المعادن النادرة الداخلة في الصناعات التكنولوجية.
ومقابل ذلك، يرى بعض السياسيين الروس نتيجةً لهذا التنافس الغربي الجشع، والذي ورط أوكرانيا أساساً بهذه الحرب، أن هناك احتمالات بزوالها كما نعرفها وانقسامها لعدة دول تابعة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1213