غرينلاند «ليست للبيع» يا ترامب!
أحمد علي أحمد علي

غرينلاند «ليست للبيع» يا ترامب!

في الآونة الأخيرة، تصدرت جزيرة غرينلاند عناوين الأخبار العالمية بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، حول رغبته في ضم الجزيرة إلى الولايات المتحدة، حيث تُعَد غرينلاند أكبر جزيرة في العالم، وتتمتع بحكم ذاتي تحت السيادة الدنماركية، ويبلغ عدد سكانها حوالي 57 ألف نسمة.

منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024، أعرب دونالد ترامب عن تطلعه إلى السيطرة على غرينلاند، واصفاً ذلك بأنه «ضرورة تامة» للأمن القومي الأمريكي. وأشار إلى إمكانية استخدام الوسائل العسكرية أو الاقتصادية لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك فرض رسوم جمركية على الدنمارك.

غرينلاند ليست للبيع!

قوبلت تصريحات ترامب برفض قاطع من قبل الدنمارك وغرينلاند، إذ أكد وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكي راسموسن، أن غرينلاند قد تستقل عن بلاده إذا أراد سكانها ذلك، لكنها لن تصبح ولاية أمريكية. ومن جانبه، صرّح رئيس وزراء غرينلاند، ميوت إيجيدي، بأن الجزيرة ليست للبيع، مؤكداً استعداد حكومته للتحدث مع الإدارة الأمريكية مع احترام تطلعات الجزيرة للاستقلال.
وفي 7 كانون الثاني/يناير 2025، قام دونالد ترامب الابن بزيارة خاصة إلى غرينلاند، مما أثار تكهنات حول نوايا الإدارة الأمريكية تجاه الجزيرة. ومع ذلك، أوضح ترامب الابن عبر منصة «رامبل» أنه لم يأتِ «لشراء غرينلاند»، وأن زيارته كانت بصفته سائحاً فقط.
وفي 14 يناير 2025، أظهرت وثائق أن حلفاء ترامب في مجلس النواب يحاولون حشد الدعم لمشروع قانون يجيز إجراء محادثات لشراء غرينلاند. يسمى المشروع «قانون جعل غرينلاند عظيمة مرة أخرى»، ويهدف إلى السماح للرئيس بالدخول في مفاوضات مع الدنمارك بشأن استحواذ الولايات المتحدة على الجزيرة.

«أغلال الاستعمار»

في ظل هذه التطورات، أكد رئيس وزراء غرينلاند، ميوت إيجيدي، على رغبة حكومته في تحقيق الاستقلال عن الدنمارك، مشيراً إلى أن الوقت قد حان لإزالة «أغلال الاستعمار» والمضي قدماً نحو تقرير المصير. ومع ذلك، يتطلب تحقيق الاستقلال توافقاً شعبياً وإجراءات قانونية معقدة، بما في ذلك تعديل الدستور الدنماركي.

الدوافع الأمريكية

يبدو واضحاً أن اهتمام ترامب بشراء غرينلاند يجمع بين اعتبارات أمنية، اقتصادية، وجيوسياسية، فالسيطرة على الجزيرة ستعزز من نفوذ الولايات المتحدة في منطقة القطب الشمالي، وتوفر لها موارد طبيعية مهمة، وتحد من توسع نفوذ الصين وروسيا في المنطقة. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يواجه تحديات دبلوماسية وقانونية، خاصة في ظل رفض الدنمارك وسكان غرينلاند لفكرة البيع.
لا يمكن النظر لهذه النوايا بمعزل عن إشارات أخرى متشابهة باتجاه كندا، وقناة بنما إلى جانب غرينلاند، ففي الواقع تنسجم أفكار كهذه بغض النظر عن إمكانية تطبيقيها مع رؤية ترامب الإنكفائية، وإعادة ترتيب إقليمية، تسمح للولايات المتحدة بالتحكم العالي في محيطيها، وتحديداً حجز إطلالة على القطب الشمالي، والسيطرة على الثروات، وتحديداً عناصر الأرض النادرة، بالإضافة إلى تحكم في طرق تجارية ترتبط بحيوية الأمريكيتين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1210