«إسرائيل»: حتى أنت يا ترامب؟
تتعرض الحكومة «الإسرائيلية» برئاسة بنيامين نتنياهو لضغوط هائلة من أجل إنجاز الاتفاق مع المقاومة الفلسطينية، ووقف الحرب على قطاع غزة، في حين لا تجد أحداً يساندها بمماطلتها أكثر من الحكومة الأمريكية الحالية بأيامها الأخيرة.
يُهدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وبشكل متكرر، بالـ «جحيم» ما لم يتم الإفراج عن الأسرى الصهاينة حتى تسلمه منصبه في 20 كانون الثاني الجاري، وهو ما يعني عملياً إنجاز الاتفاق بين «إسرائيل» والمقاومة الفلسطينية.
وفي حين يرى البعض أن هذه التصريحات تمثل تهديداً للمقاومة الفلسطينية، نجد أن أثرها عملياً يشكل ضغطاً على «الإسرائيليين» أنفسهم، فيما يبدو استشعارهم بأن «جحيم ترامب» سيصيبهم هم.
ونستند على ذلك بحدثين أخيرين على الأقل.
الأول: وصول مبعوث دونالد ترامب بزيارة مفاجئة لـ «إسرائيل» للضغط على حكومة نتنياهو– وليس المقاومة الفلسطينية- لتنفيذ الاتفاق سريعاً.
الثاني: أن رئيس الموساد «الإسرائيلي» قد ذهب إلى الدوحة، وفقاً لما أعلنه أحد المسؤولين «الإسرائيليين» على قناة سي إن إن، بما يشير إلى وجود تقدم وتعاطٍ لـ «إسرائيلي» أكثر جدية في المفاوضات.
وفي المقابل، لا يبدو أن المقاومة الفلسطينية تتعرض لضغوط جدية بهذا السياق– وما من ضغط أكثر من الجاري منذ عام أساساً– ذلك أنها لا تزال حتى الآن متمسكة بشروطها المتمثلة بوقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب كامل لجيش العدو من قطاع غزة، وخروجه من محور فيلادلفيا.
وقد باتت الحكومة «الإسرائيلية» تبرر سلوك وضغوط ترامب للداخل «الإسرائيلي» بأنه لا يريد تسجيل هذه الصفقة «الرهيبة» باسمه، وفقاً لما قالته وزيرة الاستيطان أوريت ستروك، معتبرة أن الصفقة الحالية تمثل انتصاراً واضحاً للمقاومة الفلسطينية.
في السياق العام، لا يمكن التغافل عن أن الحرب الهمجية التي أطلقها العدو الصهيوني، قد تمت وجرى دعمها ورعايتها لأبعد حد من قبل أدارة بايدن الحالية، وما من تصعيد أكثر منها إلا بفتح حرب إقليمية تصل إلى إيران وتفجر المنطقة بأسرها، لكن ذلك بالضبط ما سيزيد من نقمة دول المنطقة على «إسرائيل» ويدفعها للتقارب والاتحاد أكثر بوجهها، وبما يعنيه ذلك من تقارب أكثر مع روسيا والصين كأوزان دولية داعمة.
بميزان الربح والخسارة، لا يمكن لترامب المجازفة بهذا الطريق، فتكلفة الحرب وخسائرها عليه وعلى الولايات المتحدة تكتيكياً واستراتيجياً أكبر بكثير من الأرباح، خاصة وأن إيران باتت تعطي إشارات دبلوماسية مرنة بالتعاطي مع الإدارة الأمريكية المقبلة، انطلاقاً من هذا التحليل، ودون تناسٍ لتوجه ترامب بسحب قواته من المنطقة، والذي أعطى به إشارة في الملف السوري قبل بضعة أسابيع بقوله: إنه لا يجب على الأمريكيين التدخل بما يجري، ومثل هذا الانسحاب الآتي عاجلاً أم آجلاً يشكل ضربة لـ «إسرائيل».
في المحصلة، ينطلق تيار ترامب من مصلحة «أمريكا أولاً» و«جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» وأمام هذه الشعارات بات يتناقض مع «حلفاء» الولايات المتحدة قبل خصومها: «إسرائيل» وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي بدوله، والناتو، وصولاً إلى جيرانه الملاصقين كندا والمكسيك وغرينلاند. لكن ما مدى قدرة ترامب للمضي قدماً بهذه الطموحات الذاتية ونجاحها، أمام التحديات الموضوعية المطروحة أمامه؟ فذلك حديث آخر.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1209