قضايا الشرق .. صعود «الجنوب» إلى المسرح العالمي
تنظر القوى العظمى للعالم بوصفه مسرحاً واحداً، وعلى هذا الأساس لا يمكن النظر إلى أي خطوة جديدة بمعزل عمّا يجري في مناطق أخرى، فمنذ بدء الحرب الأوكرانية كان التركيز الأمريكي ينصب على جبهة أوروبا، لكنّهم وبسرعة اتجهوا للتصعيد في شرق آسيا عبر ملف تايوان.
لكن تعقد أزمة المركز الرأسمالي فرضت عليه ودون تهدئة أي من الجبهات السابقة، فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط، وذلك كله مع تطورات خطيرة ومتسارعة تجري في أفريقيا، لكن وبرغم هذا التوسيع في مساحة الصدام الجغرافية، استطاع الفريق المقابل بالاعتماد على موارده وتوافقات بينية واسعة صد الضربات، وإلحاق خسائر جسيمة بالمعسكر الأمريكي، نتج عنها تراجع كبير في التواجد في أفريقيا، ومأزق كبير في أوكرانيا، فضلاً عن نقل القطع العسكرية وحاملات الطائرات من مكان إلى آخر، ما فرض حالة استنزاف مرهقة، وتحديداً بعد أن اصطدمت الولايات المتحدة و«إسرائيل» بحائط صد متين في الشرق الأوسط.
ومع أن واشنطن وأتباعها يملكون موارد لاستمرار التصعيد الحالي، إلا أنّهم يصلون تدريجياً إلى نتيجة موضوعية تغلق أمامهم فرص توسيع المساحة الجغرافية للصراع، دون أن يلحقوا هزيمة بأي من خصومهم الذين يظهرون لياقة منقطعة النظير، وقدرة عالية على تحمل الضربات وردها بأخرى موجعة أكثر.
ونستطيع اليوم القول: إننا بتنا أمام لحظة مفصلية، سنشهد فيها هجوماً مضاداً شاملاً يجري فيه كسب نقاط إضافية، وإطباق الحصار على المهاجمين المأزومين بعد دخولهم فيما يشبه أزمة حكمٍ جماعية، تترافق مع أزمات اقتصادية ولوجستية، لن يكون حلّها ممكناً في الظرف الحالي.
التصعيد سيظل فيما يبدو سمة المرحلة الحالية، ولن يكون وقف الهجمة الغربية هيناً، فالمعركة ليست في أوكرانيا ولا في تايوان أو الشرق الأوسط وأفريقيا، بل هي في تلك المناطق كلها مجتمعة، وتقهقر الخصم في أي من هذه الجبهات سيفتح الباب أم انتكاسات في الجبهات الأخرى، ما سيثبت النتائج على الأرض، وينهي حقبة مظلمة من التاريخ، ويرسخ دعائم عالمٍ جديد، تنتهي فيه الأحادية القطبية الأمريكية، ويؤدي الجنوب العالمي دوره الذي حرم من أدائه لعقود مضت…
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1203