هل سنشهد عتبة تصعيد جديدة في تايوان؟!
تعيش تايوان اليوم على صفيح ساخن، مع تصاعد التوترات بين القوى الكبرى في العالم، فقد أصبحت نقطة محورية في صراع مستمر بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، فما الذي يجري بالفعل في هذه المنطقة الحساسة؟ وهل نحن على أعتاب جولة جديدة من التصعيد؟
مناورات في تايوان والمضيق
في الأسابيع الأخيرة، شهد مضيق تايوان تصعيداً في الأنشطة العسكرية، فالبحرية الأمريكية، قامت بخطوة استفزازية واضحة، إذ عبرت طائرة دورية تابعة لها مضيق تايوان، في مؤشر جديد على سياسة «التواجد المستمر» التي تنتهجها واشنطن بالقرب من الحدود الصينية.
وهذه التحركات العسكرية، التي تجري بالقرب من المياه الإقليمية لتايوان، تأتي في وقت حساس بعد المناورات العسكرية المكثفة التي تجريها تايوان في مضيق تايوان أيضاً، حيث تقوم «تايبيه» بتدريبات عسكرية دورية، تشمل المناورات البحرية والجوية، في محاولة لتعزيز استعداداتها الدفاعية في مواجهة أي هجوم محتمل من الصين.
وفيما يبدو، فإن المناورات التايوانية في المضيق، التي يتم تنفيذها بشكل منتظم تحت إشراف الحكومة التايوانية، تهدف إلى تعزيز القدرة العسكرية لصد ما تعتبره محاولات «غزو» من قبل الصين، لكنها في الوقت نفسه، ترفع من مستوى التوتر في المنطقة. وتزامن هذه المناورات مع الدوريات العسكرية الأمريكية يزيد من تعقيد الصورة، حيث تعتبر بكين هذا الوجود الأمريكي في مياهها الإقليمية خرقاً لسيادتها.
الرئيس والجزر الأمريكية!
في ظل تقارير عن زيارة مرتقبة لرئيسة تايوان تساي إنغ-وين إلى جزر أمريكية في إطار جولة تشمل دول أمريكا الوسطى والكاريبي. ووفق المعلومات المتاحة، فإن الزيارة كانت تتعلق بشكل رئيسي بتمرير دعم دبلوماسي من الولايات المتحدة لتايوان.
والحديث عن الزيارة يأتي في وقت حساس، حيث تشهد تايوان ضغوطاً متزايدة من الصين التي تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وهو ما يدعمه القانون الدولي، والتحرك الأمريكي في هذا السياق، لا يُعتبر مجرد دعم دبلوماسي، بل عملياً هو تدخل عسكري ملموس، يعكس دعم واشنطن لخطط تايوان الاستقلالية.
في هذا الصدد، تزداد الأسئلة حول الزيارة: هل هي زيارة عادية تندرج ضمن العلاقات الثنائية بين تايوان والولايات المتحدة، أم أنها رسالة استراتيجية ذات طابع سياسي وعسكري قد تكون لها تداعيات طويلة المدى؟ المعلومات المتداولة تشير إلى أن هذه الزيارة- وبحال حصلت- تمثل خطوة تصعيدية في النزاع الدائر بين الصين وتايوان، وهي من وجهة نظر بكين تدخل غير مقبول في شؤونها الداخلية، وإن كانت لم تحصل حتى الآن، فإن الحديث عنها هو تمهيد للتصعيد.
الصين في ظل التصعيد
تتعامل بكين بشكلٍ صارم مع سيادتها على جزيرة تايوان، وترى هذا الملف كواحد من أكثر الملفات حساسية بما يخص الأمن الوطني، لكن ومع تصاعد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وتزايد المناورات التايوانية، أصبحت بكين أكثر قوة في ردودها، فالحكومة الصينية حذرت مراراً من مغبة التصعيد، مؤكدة، أن الرد سيكون قاسياً في حال استمر الدعم الأمريكي لتايوان.
الصين تعتبر أن الولايات المتحدة تعمد إلى تعزيز وجودها العسكري في المنطقة بهدف زيادة الضغط على الصين، وتقويض سيادتها على تايوان، وفي هذا السياق، تتوعد بكين بالتصعيد العسكري والاقتصادي في حال استمرت هذه السياسات الأمريكية في المضيق، وفي المنطقة بشكل عام. فالصين، التي تمتلك قوة عسكرية واقتصادية لا يستهان بها، لا تتوانى عن استخدام هذه الأدوات لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، بما في ذلك الرد على التصعيد العسكري الأمريكي والضغط السياسي على تايوان.
تصعيد متوقع في تايوان
مجمل هذه الحركات الاستفزازية في تايوان تجعل المنطقة في حالة من الاحتقان المستمر، إذ أن تصاعد الأنشطة العسكرية من الطرفين، وتزايد المناورات العسكرية في البحر والمضيق، يشير إلى أن الوضع في تايوان قد ينفجر في أي لحظة. لكن ما هو أكثر إثارة للقلق، أن هذه التوترات تتزامن مع تهدئة في منطقة «الشرق الأوسط»، حيث تُظهر الهدنة بين لبنان والكيان صهيوني جانباً من المحاولات الأمريكية لترتيب أولوياتها، وتوزيع أعباء المواجهات العسكرية.
فمن الممكن أن يكون وقف إطلاق النار هذا بداية لمرحلة جديدة من التوترات في مناطق أخرى، بما في ذلك مضيق تايوان، فهذا الاحتمال وارد، والبعض يرى أن التحرك الأمريكي المكثف في تايوان قد يكون جزءاً من استراتيجية لتوسيع جبهة الصراع لا ضبطها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1203