قضايا الشرق .. تيار «البازار» في التحليل السياسي
باعت إيران «أذرعها»، وروسيا «تخلّت» عن إيران، والصين «اتفقت» مع الولايات المتحدة على حساب دمائنا! وأفكار كثيرة مشابهة يجري طرحها والترويج لها بشكلٍ يومي، وتبدو للناس مقبولة، ويتبعها تحديداً المقولة الشهيرة: «السياسة مصالح» وعندها يهز الجميع رؤوسهم موافقين!
كي لا نعالج هذه الأفكار من منظارٍ محدود، يمكننا القول: إن سياسة الدول محكومة بمصالحها أو برؤية الدول لهذه المصالح، وهذا تحديداً ما ولّد تكتل دول الشرق، فالعلاقات التي نشأت بين إيران والصين وروسيا تحديداً، يضاف إليها تركيا والهند وغيرها من دول الجنوب، كانت تعبيراً عن رؤية استراتيجية لا تتأثر بقضايا جزئية، وإذا ما أخذنا روسيا والصين وإيران تحديداً، يبدو وضوحاً أنهم يدركون أن بقاءهم مرهون بتطوير هذا التعاون الاستراتيجي والحفاظ عليه، وعلى هذا الأساس يكون «الثمن» المزعوم مثلاً الذي تأخذه موسكو لقاء الاستغناء عن إيران أشبه بطلقةٍ موجهة على قدم روسيا، إن لم يكن على صدرها، فما تعيشه دول الجنوب اليوم هو أقرب ما يكون لحرب وجودية، فإما البقاء أو التفتت، ويتضح مثلاً، أن روسيا لم يكن من الممكن أن تصمد في الحرب الأوكرانية لولا وجود هذه الشبكة من العلاقات بالتحديد، تلك التي لم يحظ بها الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة مثلاً!
العدوان الصهيوني المدعوم أمريكياً في منطقتنا، كشف بوضوح أن سياسة الولايات المتحدة المأزومة واحدة، من تايوان وبحر الصين الجنوبي إلى أوكرانيا وأوروبا الغربية مروراً بآسيا والشرق، ولذلك لم يكن «المصير المشترك» للدول الثلاث مجرّد «صفقة» يمكن التراجع عنها، بل هو واقع موضوعي لا يمكن لأي من هذه الدول أن ترسم سياستها دون أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار.
وفي السياق ذاته، وإذا ما ناقشنا ما يقال عن «إيران التي باعت المقاومة» يبدو وضوحاً أن أصحاب هذه الأفكار لا يدركون أبسط المسلمات، ويكررون الدعاية الصهيونية دون تفكير، متجاهلين أن إيران مستهدفة من كل ما يجري أيضاً، ولذلك تقدّم وإلى جانب الدعم النوعي الكبير، شهداءَ في هذه المعركة، ينخرطون في القتال على خطوط المواجهة المباشرة، فالاغتيالات التي شهدناها مؤخراً، بدأت من قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني، وربما يكون رئيس إيران ووزير خارجيتها اغتيلا، ولم يكن حادث الطائرة «قضاءً وقدراً» هذا بالإضافة إلى أن أنباء اغتيالات الشخصيات الإيرانية باتت جزءاً من المشهد اليومي، وتدرك طهران أن نجاح «إسرائيل» والولايات المتحدة في تنفيذ أي مخطط في المنطقة يهدد وجودها، وتكون على هذا الأساس تبيع رأسها! بل إن سلّمنا حقاً بأن حزب الله هو «ذراع لإيران» يكون بيع هذه «الذراع» (إحدى أهم ضماناتها الفعلية) حماقة صرفة، لم تسجلها كتب التاريخ من قبل!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1197