«خطة نصر» زيلينسكي مبادرة جديدة ولكن!
ملاذ سعد ملاذ سعد

«خطة نصر» زيلينسكي مبادرة جديدة ولكن!

عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 16 تشرين الأول الجاري ما سمّاه بـ «خطة النصر» أمام البرلمان الأوكراني، باعتبارها خطة إذ نُفذت ستفضي إلى مفاوضات سلام مع موسكو، مؤكداً عدم تنازل أوكرانيا عن أيٍّ من «أراضيها» لصالح روسيا، ولكن مضمون خطة النصر هذه سببت جدلاً في غاياتها، وتحمل عناوين تصعيدية خطيرة.

تتكون «خطة النصر» من 5 نقاط، الثلاث الأولى تُشكل أهمها، وهي: انضمام سريع لأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي «االناتو»، والسماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي عبر الأسلحة الغربية بعيدة المدى، ووضع استراتيجية ردع شاملة غير نووية على الأراضي الأوكرانية.
وقال زيلينسكي خلال عرضه للخطة أعلاه: إن «على روسيا أن تخسر الحرب أمام أوكرانيا.. ذلك لا يعني تجميد القتال، أو أي مبادلة لأراضي أوكرانيا أو سيادتها».

ردود الفعل الأولية

في هذا السياق قال الأمين العام لحلف الناتو مارك روته: إن الحلف سيقوم بمناقشة خطة النصر خلال اجتماعاته، وفي المقابل، سرعان ما علقت موسكو عبر الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف بالقول: «خطة السلام الوحيدة الواردة هي بأن يدرك نظام كييف مدى عقم السياسة التي يتبعها، ويفهم بأن عليه أن يصحو»، بدورها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: إن هذه الخطة تعني «متاعب لأوكرانيا والشعب الأوكراني» وإن زيلينسكي «يدفع دول حلف شمال الأطلسي إلى الدخول في نزاع مباشر مع بلادنا [...] إنها بالتأكيد ليست خطة، إنها مجموعة من الشعارات غير المتماسكة.. الصادرة عن قاتل من النازيين الجدد».
واعتبر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أن هذه الخطة تعد «أمراً خطيراً» بينما أبدت الدول الأوروبية الأخرى بما فيها ألمانيا مواقف متحفظة تجاهها، ويذكر أن خطاب وإعلان زيلينسكي قد جرى في أثنائه، إعلان الجيش الروسي عن تحريره بلدتين جديدتين في شرق أوكرانيا.
يرى البعض، أن خطة النصر هذه التي صاغها زيلينسكي تهدف بشكل أساسيّ لأن يجري رفضها مما يتيح له تحميل مسؤولية الهزيمة على الغربيين، و«تقاعسهم» عن دعم أوكرانيا بالشكل المطلوب.
ولكن من وجهة نظر أخرى، دون تناسي الترابط ما بين النظام الأوكراني والغربيين عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، واتّكال أوكرانياً كلياً عليهم، فإن طرح مثل هذه الخطة رسمياً وبهذه الطموحات العالية والتصعيدية، يُعد غريباً دون علمٍ وتنسيق مسبق مع واشنطن حولها، وعليه يكون السؤال: ما غاية واشنطن منها؟
من جهة، تؤكد واشنطن عدم رغبتها بدخول صراع مباشر مع موسكو، فضلاً عن عدم استطاعتها لذلك أساساً، إلا أنها وفي الوقت نفسه من جهة أخرى، تدفع النظام الأوكراني لاتخاذ خُطا ومواقف سياسية أكثر تصعيداً، كما تدفع «الناتو» لاستفزاز روسيا عبر نشر قوات جديدة له، أو إعادة تموضع القديمة منها بشكل أقرب إلى الحدود الروسية، مما يعني عملياً رفع درجة التهديد الأمني على الدول الأوروبية فقط، وبالتالي إخضاعها أكثر، وبما يبدو بشكلٍ متهوّر يزيد من مخاطر صدام عسكري روسي– أوروبي، وبجزء منه يستدرج موسكو لردّ فعلٍ عنيف على أوكرانيا قد يشمل استخدام الأسلحة النووية.
وذلك كله دون أن ننسى أنه وعلى الرغم من التحالف «المقدس» للناتو، إلا أنه بإمكان أي بلدٍ منه عدم دخول الصراع، والانسحاب من التحالف برمّته في أيّ لحظة، وبأيّ ذريعة تكون، ومن جهة أخرى، أن واشنطن كانت قد لمّحت لذلك منذ سنوات بفترة رئاسة دونالد ترامب، وهو الطرح الذي لا ينحصر فيه فقط، وإن كان المعبّر عنه بشكل فظّ بصيغة الابتزاز «الدفع مقابل الحماية»،
رغم صعوبة تخيّل مثل هذا الأمر، إلا أنّ حالة التراجع الغربية والأمريكية التي تجري تدريجياً وكمياً، ستصل إلى مرحلة انهيار نوعيّ، وإذا ما كانت واشنطن خاسرة، وهي تدرك ذلك، لم لا تحاول دفع فرنسا وألمانيا وغيرها في نهاية المطاف لصدام مباشر وواسع مع روسيا، ليُستنزفا ويُضعفا بعضهم البعض من وجهة النظر الأمريكية؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1197