قضايا الشرق .. عن أهداف «إسرائيل» الحقيقية في لبنان!

قضايا الشرق .. عن أهداف «إسرائيل» الحقيقية في لبنان!

إنَّ الواقع الذي خلقته واشنطن في الإقليم بالاعتماد على أداتها «إسرائيل»، كان يهدف منذ اللحظة الأولى إلى تفجير المنطقة عبر تأجيج تناقضاتها الداخلية، وربما بالاعتماد على عناصر موجودة بالفعل داخل هذه الدول وبُناها السياسية، وإنَّ المراقب لتطورات العملية العسكرية الصهيونية في لبنان، وحتى قبل توسيعها يمكنه الخروج باستنتاجين أساسيين:

الأول: منذ أن أعلنت المقاومة في لبنان عن فتح جبهةٍ لإسناد غزّة، بدأ العمل الحثيث على إعادة ضخ جملة من القضايا التي ترتبط بالداخل اللبناني، من سبيل «قرار الحرب والسلم» و«سيادة الدولة على أراضيها» و«حصر السلاح بيد الجيش»، وذلك تحديداً بهدف الهجوم على حزب الله من جهة، وتأجيج التوترات في الداخل من جهة ثانية، عبر طرح مسائل وطنية ينبغي نقاشها وحلّها، ولكن على أن تكون جزءاً من مشروع وطني شامل، لا قضايا جزئية منتقاة لأسباب سياسية مشبوهة، ومترافقة مع عدوان خارجي، والمثير للانتباه، أن الضخ لم يتوقف على الإعلام فحسب، بل بدأت بعض الأطراف السياسية تتحرك، وتحاول تجميع القوى اللازمة للتفجير، لكن المهمة لم تكن قابلة للإنجاز في حينه، وهو ما يفسر التطور العسكري التالي.

الثاني: وهو أن تطوير العملية العسكرية الصهيونية ضد لبنان، واغتيال قيادات أساسية في حزب الله ،والتصعيد غير المسبوق، مع ما يرافقه من إعلان عن اجتياح بري مرتقب، وقصف مستمر لا يتوقف، هي كلّها عناصر أساسية لتفجير الوضع السياسي الداخلي، أي أن الهدف الاستراتيجي لتطوير العمليات العسكرية في لبنان لا ينبع من وهم إحراز نصر عسكري سهل على حزب الله، أو تحقيق الأهداف «الإسرائيلية» المعلنة، مثل: عودة المستوطنين إلى الشمال، بل يهدف في الواقع إلى تحضير الأرضية لأطراف داخلية لتستثمر الضربات التي توجّها «إسرائيل» إلى لبنان وحزب الله، وتحاول قلب المعادلة السياسية الداخلية، ما يدفع الأمور إلى صدام داخلي حاد، لن يكون محصوراً بالأطر «الدبلوماسية» و«السياسية».

مشروع الفوضى الأمريكي والصهيوني يعتمد بشكلٍ أساسي على استخدام السلاح للضغط على المنطقة، وتأجيج تناقضاتها الداخلية، ولذلك تبدو الأهداف «الإسرائيلية» المعلنة لهذه المعركة أو تلك، ما هي إلاَّ محاولة للتضليل، فالهدف الأساسي اليوم هو أن يُسخّن جيش الاحتلال الأجواء بشكلٍ تدريجي ومضبوط أمريكياً، أملاً في إطلاق التفاعل «المطلوب»، لكن تطور الأحداث في لبنان حتى اللحظة يشير إلى أنَّ عناصر التفجير لم تكتمل بعد، وهو ما قد يفرض عليهم رفع الضغط العسكري في الجنوب إلى مستوى جديد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1196