قضايا الشرق .. لن نرميَ سلاحنا في البحر!

قضايا الشرق .. لن نرميَ سلاحنا في البحر!

تعمل ماكينة الدعاية الصهيونية بشكل متواصل وكثيف، وتقّدم «حقائق» و«خلاصات» والمثير للانتباه، أن استخدام منتجات هذه الماكينة ليست حصرية، أي إنّها جزء من الإعلام العبري الناطق بالعربية، ولكنّها أيضاً موضوع محوري في كثير من وسائل الإعلام العربية، وتنتقل في كثير من الأحيان إلى عقول الكثيرين الذين يرددونها بدورهم، حتى دون حدٍ أدنىٍ من التدقيق.

فوفقاً لهذه الدعاية، نحن ضحية «صراعٍ بين وحشين» هما: إيران و«إسرائيل»! وتبدو فكرة كهذه «جذابةً» لأولئك الذين يشعرون دائماً أنّهم «ضحايا عرضية» لصراع قوىً أكبر منهم، ولهذا تتحول فكرةٌ كهذه إلى موشّح على مقام الصَبا، يُرافق ليلاليهم الكئيبة، ولكن، هل يمكن فعلاً تبسيط الواقع بهذا الشكل؟ لا بل تشويه تاريخنا إلى تلك الدرجة؟!
إن استذكار معاركنا الأولى مع الصهيونية يعيدنا إلى ما قبل الثورة الإسلامية في إيران، التي نقلت واحدة من أهم بلدان آسيا من معسكر الغرب إلى موقعها الطبيعي في معسكر الشرق، فأبناء هذه المنطقة، وبعد تاريخٍ طويلٍ وأسودٍ مع الاستعمار، تعلّموا مقاومته بالفطرة، مع المشاريع التي يحملها، وكان أبناء فلسطين ومحيطها المجاور أول من قدّم الدماء في مجابهة الصهيونية، التي سرعان ما تبيّن أنها خطر يهدد منطقتنا كلّها، وعلى هذا الأساس وحتى ثمانينيات القرن الماضي خضنا حروباً متواصلة لم تتوقف مع الكيان الناشئ، وتحوّلت حروبنا هذه إلى جزءٍ لا يمكن نسفه من تاريخنا.
لكن وإن قلنا: إننا طرف أساسي في هذا الصراع، يظل السؤال مطروحاً: ما شأن إيران في كلِّ هذا؟ وهنا العقدة الأهم في الموضوع، فإيران بعد ثورة 1978 خَطت بجدّية باتجاه إنجاز استقلالٍ وطنيٍ، مع كل ما يعنيه ذلك من تحّول جذري في سياق تطورها، لكن وكما علّمَنا التاريخ: لدى الولايات المتحدة حساسيةٌ مفرطةٌ تجاه أي مشروع وطني حقيقي، وخصوصاً إذ ما كان في بلدٍ يملكُ هذا الحجم من المقومات، ولذلك كان وأدُ هذا المشروع هدفاً أمريكياً من اللحظة الأولى، وهذا ما حوّلَ مواجهة الولايات المتحدة إلى قضيةٍ وطنيةٍ في إيران، ولأن الكيان كان ذراعاً للولايات المتحدة، تحّول ردعه ومواجهته إلى شرط أساسي في المعركة.
هذا تحديداً ما وضعنا جميعاً في خندق واحد، رغم كثيرٍ من الاختلافات الموجودة، فالصهيونية ومشروعها في الشرق هي خطر يهدد الجميع، ومع أن جيش الاحتلال يتحرّك كل يوم إلى جبهة جديدة، إلا أنّها في الواقع جبهة واحدة! وكلُّ ضربةٍ توّجه إلى الكيان تكون في صالحنا جميعاً، ووجود قوىً إقليمية، مثل: إيران هو بالضرورة عامل أساسي في تحقيق الهدف الأسمى، ومن يحاول تفريق صفوفنا، شأنه شأن من يرمي سلاحه في البحر!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1195