«اختراق كورسك»... هل يُغيّر الواقع في الميدان؟
تستمر القوات الأوكرانية بتواجدها داخل إقليم كورسك الروسي، وبين مختلف الأنباء الصادرة عن طرفي الصراع، من تقدم أو تراجع لهذه القوات، تكثر التحليلات المرتبطة بغاية هذا الهجوم وأهدافه، والرد الروسي عليه، وإلى متى سيستمر هذا الوجود؟
يدفع الغربيون، من الناحية الإعلامية، لاعتبار الهجوم الأوكراني داخل الأراضي الروسية أنه تقدّم وانتصار كبير لكييف، وهو أمرٌ صحيح إذا ما أخذ بهذا السياق المُبسّط الذي يجري الترويج له. إلا أن المحللين الغربيين أنفسهم يشككون بمدى صواب هذا الهجوم وصحّته تكتيكياً واستراتيجياً.
أسئلة تحتاج لإجابات
تبرز العديد من الأسئلة، منها: ما إذا كان هذا الهجوم عبارة عن فخٍّ روسيّ؟ أو السؤال حول جدوى إرسال نخبة القوات الأوكرانية وأفضل قواها ومعدّاتها لجبهة أخرى، بينما كانت أساساً بحالة صعبة على الجبهات الأخرى في الأقاليم الأوكرانية، من دونيتسك وزابوروجيه وغيرها؟ ثم السؤال حول لماذا أقدمت القوات الأوكرانية على مثل هذا الهجوم، وتركت الجبهات الساخنة الأخرى؟
إن عدنا قليلاً، لنتذكر أن القوات الأوكرانية أقدمت فيما مضى، وبعد سيلٍ من المساعدات الغربية المالية والعسكرية، على تنفيذ هجومها المضاد الذي باء بفشلٍ ذريع. والآن، جاء هذا الاختراق الأوكراني بأفضل ما لديهم من قوات ومعدات، بعد تدفق مساعدات مالية وعسكرية جديدة.
من الناحية العسكرية، يكاد يجمع معظم المحللين على أن هذا الهجوم يُضعف القوات الأوكرانية – الضعيفة أساساً - داخل أوكرانيا، وأن إرسال هذه القوات للداخل الروسي يُعد مغامرة خطيرة بالنسبة لكييف، وبمثابة ضربتها الأخيرة.
سياسياً، يزعم الغربيون أن الهجوم الجاري، واستمراره، سيؤدي إلى إضعاف الحكومة الروسية الحالية، ويتسبب بتوترات سياسية كبيرة داخل موسكو، لكن ما لا يقوله الغربيون، أنه وفي الوقت نفسه، يؤدي وجود قوات أجنبية إلى تماسك شعبي وسياسي داخلي أكبر بوجه العدو، ومن جهة أخرى يثبت صحّة وجود التهديدات الغربية التي أطلقت موسكو عمليتها العسكرية الخاصة أساساً للقضاء عليها.
المغامرة الأوكرانية محكومة بالفشل، ولن تُغيّر من الواقع على الأرض، بل ستفاقم المشاكل التي تعاني منها أوكرانيا، فروسيا وبالرغم من حجم التهديد، إلا أنّها تتصرف بعقلٍ بارد ولم تنجر إلى تغيرات كبرى في وضع القوات على الجبهات، وتعمل على تحويط الاختراق وتحطيم القوات المهاجمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1188