واشنطن والناتو يشترون الوقت بدماء الأوكرانيين
مع كل قمة جديدة لحلف شمال الأطلسي تتضح أكثر معالم استراتيجية التصعيد والتوتير، فبالرغم من أن المعارك الدائرة على الأرض في أوكرانيا لا تُظهر أي احتمالات بقلب الموازين لصالح الغرب، تظل الولايات المتحدة مصرّة على استراتيجيتها، معتمدة على دول أوروبية مسلوبة الإرادة!
يمكن للمرء ملاحظة الهوّة الكبيرة بين خيالات الـ «القادة» الغربيين في الولايات المتحدة والدول الأوروبية والناتو، وبين الوقائع على الأرض: عسكرياً واقتصادياً وسياسياً. لتتحول اجتماعات وقمم من هذا النوع إلى حفلة تطبيل جوفاء.
كان من العناوين الأبرز لقمة الناتو الأخيرة في واشنطن، التباين في المواقف إزاء انضمام أوكرانيا إلى التحالف، وإعلانه أن انضمامها أمر حتمي ولا رجعة فيه، وتخصيص مساعدات جديدة لكييف، أما ما سبق القمة وعلى هامشها، فقد كان الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية جديدة للدفاع الجوي في شمال بولندا، وإعلان الولايات المتحدة وألمانيا ببيان مشترك البدء بنشر أسلحة بعيدة المدى في ألمانيا.
تبدو العناوين السابقة كبيرة وطنّانة، لكن إذا ما وضعت في سياقها، فإن الوعود بانضمام أوكرانيا إلى الناتو، ورغم تواترها، إلا أنها تغدو أبعد كل يوم، لدرجة أن يصبح السؤال: هل ستبقى أوكرانيا – كما هي الآن وبنظامها – لتنضم إلى أي تحالف مستقبلاً؟ وبوضع هذه الوعود مع تخصيص المساعدات الجديدة، فإن سقف ما يطمح له القادة الغربيون من ذلك هو إنعاش «نازيي» كييف، وحثهم على متابعة القتال، وإيهام الرأي العام بأن المعركة جارية على قدمٍ وساق، في حين أن ظروف الدول الغربية اليوم أسوأ بأضعاف عما كانت عليه قبل عام، سواء اقتصادياً أم سياسياً.
أما حديث القاعدة الجديدة في بولندا، فما أعلن عنه هو «جهوزية» هذه القاعدة الموجودة أساساً، ويعود أول حديث عنها إلى عام 2008، وحول عنوان نشر صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا، فإن تطبيقه لن يبدأ حتى عام 2026، أي بعد عامين من الآن، في حين أن أكثر المحللين تشاؤماً يستبعدون استمرار القتال في أوكرانيا عاماً واحداً بعد، فضلاً عن ذلك عن التغيّرات المرتقبة بعد الانتخابات الأمريكية نهاية العام الجاري، فإما أن يصبح ترامب رئيساً بما يعنيه ذلك من تقليص متوقع لدعم أوكرانيا، ووصولاً لبدء المفاوضات، حسب أكثر التقديرات تفاؤلاً، أو ينجح الديمقراطيون ويستمرون بنهجهم المضطرب الحالي. سواء هذا أم ذاك، فإن النهج الأمريكي حالياً يهدف للمضي نحو أعلى تصعيد ممكن، أملاً في إبقاء الصراع مشتعلاً، وربما توريط آخرين فيه بشكلٍ مباشر.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1183