قضايا الشرق ... العلاقات السعودية الإيرانية الذكرى السنوية الأولى

لا شك أنه من الضروري أن تكون العلاقات الثنائية بين البلدين موضوع اهتمام أساسي في المنطقة نظراً للوزن النوعي الذي تتمتع به كلٌّ من السعودية وإيران، ومع ذلك تنحو تقارير وسائل الإعلام للتشكيك بإمكانية استدامة الاتفاق الثنائي، عبر استغلال القضايا الخلافية وإلقاء الضوء عليها بشكل مستمر، خصوصاً بعد بيان مجلس التعاون الخليجي الذي تطرق إلى حقل الدرّة، وهو واحد من الحقول المتنازع عليها بين البلدين.
في الواقع، هناك مسائل كثيرة لم تحسم بعد، لكن ذلك ما لا يمكن أن يكون نقطة مناسبة للبدء في تقييم العلاقات الثنائية. بالرغم من أهمية هذه النقطة أو تلك، وضرورة الوصول إلى تفاهم حولها جميعاً، إلا أننا نشهد اليوم واحداً من أصعب الاختبارات التي توضع تحتها هذه العلاقات، وهو قدرة إيران والسعودية على تأريض واحد من الأهداف الأمريكية في التصعيد الجاري منذ اندلاع الحرب في غزّة واستمرار العدوان الصهيوني على فلسطين، فالعلاقات الثنائية بين البلدين، كانت بلا شك مستهدفة من قبل واشنطن، وهناك مساعٍ مستمرة للاستفادة من كل ما يجري بهدف تأجيج التناقضات، لكن المفاجئ بالنسبة للولايات المتحدة، هي درجة ثبات العلاقات في ظل هذا الاختبار الصعب. فإن كان موقف إيران متوقعاً لا جديد فيه تبدو الحسابات السعودية شديدة الدقة، فالموقف السعودي وإن كان لا يلبي تطلعات الشارع العربي الواسع الذي كان يأمل دوراً أكبر للدول العربية في وقف الحرب وإدخال المساعدات، إلا أنّه ظلّ بعيداً عن الانخراط في المشروع الأمريكي، وتحديداً كون ذلك المشروع لا يستثني السعودية من قائمة استهدافه، فالبيان الأخير الصادر عن الخارجية السعودية الذي أدان الاستهداف الصهيوني لمبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، والاتصالات المستمرة لنقاش وتنسيق المواقف حول المستجدات في المنطقة، تعد كلّها مؤشرات مهمة على أن قرار استعادة العلاقات لم يكن اعتباطياً بل نابعاً من رؤية حقيقية للمصالح الوطنية لكلا البلدين.
المهمة السياسية الأساسية في منطقة الشرق اليوم، هي تعطيل مشروع الفوضى الأمريكي، وأحد أهم شروط إنجاز هذه المهمة هو الحفاظ على خطوة استعادة العلاقات السعودية–الإيرانية، وإن نجح البلدان في ذلك يمكننا القول حينها: إن كل المشاكل الأخرى هي قضايا ثانوية سيكون الوقت كافياً لحلّها لاحقاً، وخصوصاً أن مستقبل المنطقة ودولها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكل هذه التفاهمات لكن العودة إلى الوراء ستضع هذا المستقبل على المحك.