القلق الحقيقي لأمريكا و«إسرائيل»

القلق الحقيقي لأمريكا و«إسرائيل»

ازداد في الأيام الأخيرة الحديث عن قلق في الكيان الصهيوني وداخل الولايات المتحدة الأمريكية من تطور الأحداث في الأراضي المحتلة بشكل يصعب احتواؤه، وتحديداً مع اقتراب شهر رمضان، إلى تلك الدرجة التي بات يبدو فيها بالنسبة للقارئ الغربي أن قوّة سحرية ستكون قادرة على استنهاض همم الفلسطينيين في الشهر الفضيل، في الوقت الذي تكشف آراء كهذه جانباً آخر وأكثر خطورة بالنسبة لـ «إسرائيل» وداعمها الأمريكي.

مع قليل من التدقيق يمكن القول: إن منبع القلق الصهيوني لا يُرد إلى شهر رمضان فحسب، فهو بلا شك عامل روحي يؤثر على المعنويات، وارتبط في مناسبات كثيرة سابقاً بتصعيد ملموس في أعمال المقاومة الفلسطينية، إلّا أنَّ المقلق فعلاً هو أنَّ الشعب الذي يقاتل جيش الاحتلال المدعوم أمريكياً ما زال قادراً على زج طاقات جديدة في المعركة الدائرة، وذلك على العكس تماماً من خصومه، فالمعركة تحتاج حتماً لموارد مادية وتقنية كافية إلّا أنّها ترتبط بالقبول السياسي والنفسي لخوض القتال، ويبدو أن جيش الاحتلال يخشى من نقص في الإمداد المعنوي واللوجستي إن لم يكن بدأ يعاني من هذا النقص فعلاً.
على الضفة الأولى تتخبط القيادة «الإسرائيلية» وتتداعى كلُّ الأسس التي استند عليها الكيان في دخول الحرب، وتزداد قائمة الخسائر بمتوالية هندسية، والحديث هنا لا يدور حتماً عن الخسائر البشرية - برغم أهميتها - بل عن تداعيات بعيدة المدى على الاستقرار السياسي داخل الكيان وداخل مجتمع المستوطنين، إذ اعتمد هؤلاء دائماً على «أملٍ» بتثبيت أقدام الكيان في الأراضي المحتلة وتأريض أي مقاومة لمشروعهم.
في الضفة المقابلة - ضفة الشعب الفلسطيني - يزداد عدّاد الخسائر البشرية، ودُمِّرَ جزء كبير من القطاع، وأصبحت أجزاء كبيرة منه غير صالحة للحياة في وضعها الحالي، ومع ذلك تبدو الضفة أكثر تماسكاً وأمتن مما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، وهو بحد ذاته مكسب سياسي ووطني كبير لا يمكن إغفاله. من جانبٍ آخر اكتسبت صورة «المقاوم الفلسطيني» زخماً هائلاً كان كافياً لتحييد صورة «الضحية» التي رُسّخت لعقود مضت!
القلق من رمضان يعني إقراراً بفشل آلة الحرب الصهيونية وتحجيم كلّ ما سعت لإنجازه منذ الساعات الأولى، ويعني أيضاً أن الفلسطينيين وداعميهم الحقيقيين بدأوا بشن هجوم مضاد شامل، ربما يتجاوز حدود فلسطين، ليوجهوا ضربات جديدة إلى الولايات المتحدة في كامل المنطقة، بل يمكننا القول: إنَّ إفشال المحاولة الأمريكية في تأجيج الحريق في منطقتنا لا يعني فشلاً إقليمياً محدوداً، بل يعني خسارة الولايات المتحدة لنقاطٍ في معركة الحفاظ على الهيمنة الأمريكية، تلك المعركة التي خسرت فيها جولات عدّة حتى اليوم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1165