إيران والسعودية في بكين مجدداً… عقبة بوجه الفوضى الأمريكية

إيران والسعودية في بكين مجدداً… عقبة بوجه الفوضى الأمريكية

يبدو أن بكين حريصة على استمرار الزخم الناتج عن المصالحة السعودية الإيرانية، التي رعتها الصين منذ أشهر، وخصوصاً، أن التصعيد الجاري في المنطقة تحديداً يتطلب أعلى درجة من التنسيق الممكن بين القوى الأساسية في المنطقة من جهة، وبين هذه القوى الإقليمية والقوى الدولية صاحبة المصلحة في استقرار المنطقة وحل مشاكلها القديمة والجديدة.

في خطوة جديدة حملت معها رسائل سياسية مهمة، عقدت في العاصمة الصينية بكين اللجنة الثلاثية السعودية الصينية الإيرانية المشتركة، اجتماعها الأول في 15 من شهر كانون الأول الجاري.

لقاء ثلاثي

بعد أن رعت الصين عودة العلاقات السعودية- الإيرانية منذ 10 آذار من عام 2023 الجاري، شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً ملحوظاً في عددٍ من المجالات، والتزم الطرفان بالخطة المتفق عليها، بالرغم من العوائق الكثيرة التي كان من المتوقع ظهورها بالتدريج، ولكن، وعدا عن بعض التأخيرات الزمنية، نجح البلدان بتطوير العلاقة سريعاً، وفي كثير من المجالات، منها: جوانب أمنية وسياسية مهمة. والآن استضافت بكين اجتماع اللجنة الثلاثية الأول، والذي عقد على مستوى نائب وزير، ومثل علي باقري كني الجانب الإيراني، فيما مثل وليد الخريجي السعودية، وبحضور نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي. وعقد نواب وزراء خارجية في وقتٍ لاحق لقاءً خاصاً مع وانغ يي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ووزير الخارجية الصيني. وجرى الاتفاق والإعلان عن موعد اللقاء القادم، المتوقع أن يجري في حزيران من شهر 2024 في العاصمة السعودية الرياض.

ما هي مجريات اللقاء؟

استعرض الاجتماع ما تحقق من نتائج إيجابية في العلاقات بين السعودية وإيران على ضوء اتفاق بكين، وتحديداً إعادة فتح سفارتي البلدين في كل من الرياض وطهران، واللقاءات والزيارات المتبادلة لوزيري خارجيتيهما، كما بحث أوجه التعاون الثلاثي بمختلف المجالات. ومن جانبه أكد الجانب الصيني استعداده لمواصلة القيام بالدور البناء، ودعم الجانبين السعودي والإيراني في اتخاذ مزيد من الخطوات نحو تعزيز العلاقات. ويمكن من خلال استعراض تصريحات وانغ يي، فهم طبيعة المسعى الصيني في هذه المسألة، إذ قدّم وزير الخارجية الصيني، اقتراحات عامة للاستمرار في تحسين العلاقات بين السعودية وإيران. كان أولها: «التمسك بحزم بقرار المصالحة» ودعا البلدين إلى بناء الثقة من خلال الحوار ودي وشامل، كما اقترح وانغ يي ضرورة استكشاف مجالات التعاون الممكنة بين البلدين بمساعدة بكين، وتوسيع التبادل في مختلف المجالات، مثل: الاقتصاد والتجارة والأمن…إلخ، كما أضاف المسؤول الصيني إلى رفض بلاده للتدخل الخارجي في الشرق الأوسط والعلاقات بين دوله، مؤكداً على ضرورة ألا تكون المنطقة ساحة لصراع القوى الكبرى، وأضاف، أن «مصير الشرق الأوسط يجب أن يحدد من قبل شعوبه بأنفسهم».

بيان بشأن الأوضاع في غزّة

لم يغب الوضع في غزة عن الاجتماع، وخصوصاً أن إيران والسعودية قادرتان على لعب دورٍ فعال في هذا الملف، وخرج البيان الختامي للقاء الثلاثي بدعوة فورية لوقف إطلاق النار والعمليات العسكرية في قطاع غزة، مع نداء لإغاثة المدنيين بشكل مستدام، ورفض التهجير القسري للفلسطينيين، كما اعتبرت الدول الثلاث الموقعة على البيان ما يجري في غزة تهديداً للأمن والسلم على المستوى الإقليمي والدولي. وأكدوا أيضاً على أن أي ترتيب لمستقبل فلسطين يجب أن يعكس إرادة الشعب الفلسطيني، ويضمن حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم. وأشار وزير الخارجية الصيني في هذا السياق إلى أن الصين تقف دائماً إلى جانب الدول العربية والإسلامية، وتدعم استعادة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني. وأضاف، أن بلاده تدعم السعودية وإيران في دفع الدول الإسلامية المشتركة لتشكيل موقف موحد أقوى لحل القضية الفلسطينية.
يمكن القول: إن أحد الأهداف الأساسية المطلوبة أمريكياً، هو ضرب هذا التقارب السعودي الإيراني، ولا شك أن واشنطن تأمل من تحويل التوتر الجاري في المنطقة إلى عامل تخريب جديد في الشرق الأوسط، يستهدف كل الركائز الجديدة التي يجري البناء عليها، ومن هذه الزاوية تبدو لحظة انعقاد هذا اللقاء، وتأكيد الدول المعنية مجدداً عزمها على حل الخلافات والعمل بفاعلية لعلاج كل ما يهدد الأمن الإقليمي، تبدو بمثابة عائق جدي لمشروع الفوضى الشاملة الذي تقدمه واشنطن في منطقتنا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1153