ما فرص المبادرة الجزائرية لحل أزمة النيجر؟
بعد العقبات التي واجهت مروجي «الحل العسكري» في النيجر، نشهد تحركات جزائرية في سياقٍ مختلف بهدف الوصول إلى حل سلمي للأزمة الناتجة عقب الانقلاب العسكري الذي شهده البلد الإفريقي الحبيس. الوضع يمكن أن يتحول إلى تهديد كبير في غرب إفريقيا، وهو ما يشكّل سبباً كافياً لبدء خطوات للتهدئة والتفاهم.
بعد سلسلة من تهديدات أطلقتها دول «إيكواس» تمحورت حول عزم عدد من دول المجموعة التنسيق والقيام بعمل عسكري بهدف إزاحة السلطة الانقلابية عن الحكم، لكن قدرات أصحاب «الرؤوس الحامية» لم تكن تكفي للمضي في هذه الخطوة المتهورة، وخصوصاً بعد أن اتضح أن حرباً كهذه لن تكون بمواجه النيجر وحدها، فالأخيرة وسّعت تحالفتها أيضاً، وهو ما دفع «إيكواس» لتغير لهجتها في هذا الملف، إذا أعلن مبعوث المجموعة الاقتصادية إلى النيجر والرئيس النيجيري السابق عبد السلام أبو بكر، إن «المشاورات مع المجلس العسكري، أظهرت أن عودة الرئيس المعزول محمد بازوم للسلطة مستحيلة. وأكد أنه متفائل بالتوصل إلى حل سلمي للأزمة». وفي سياقٍ متصل، يبدو أن خطوات باريس للتوتير المباشر تواجه عقبات أخرى، إذ أعلنت الإذاعة الرسمية في الجزائر، أن الأخيرة رفضت طلباً رسمياً فرنسياً لاستخدام الأجواء الجزائرية لتوجيه ضربات جوية للنيجر «في حال عدم إطلاق سراح الرئيس محمد بازوم»، وهو ما نفته مصادر في الجيش الفرنسي لاحقاً، لكن هذا النفي لم يكن كافياً للتغطية على السلوك الفرنسي الذي سعى منذ اللحظة الأولى لتصعيد الموقف.
المبادرة الجزائرية
أنهى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف جولة تشاورية بهدف الوصول لاتفاق سلمي بما يخص الأزمة في نيجر، وشملت جولة عطاف دولاً في «إيكواس» هي نيجيريا وبنين وغانا، وأعلنت وزارة الخارجية بشكلٍ متزامن عن أسفها الشديد لما وصفته «بإعطاء الأسبقية للجوء إلى العنف في النيجر عوض مسار الحل السياسي والتفاوضي الذي يسمح باستعادة النظام الدستوري والديمقراطي بشكل سلمي».
المبادرة التي أطلقتها الجزائر لا تزال غير واضحة بشكل تام، ولكنها قادرة لأن تتحول إلى مخرج ملائم حتى بالنسبة لدول «إيكواس» التي باتت بحاجة لرسم طريق العودة بعد مؤشرات تعثر الخيار العسكري، وفي هذا السياق أرسلت الجزائر موفداً رفيع المستوى من الخارجية إلى النيجر، إذ وصل لوناس مقرمان، الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، بتكليف من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى العاصمة نيامي، حيث سيعقد هناك سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين والشخصيات البارزة في السلطات الانقلابية بهدف بحث الطرق السلمية الممكنة للحل.
فرصة لتجاوز العقوبات
بالرغم من تعثر الخطوات العسكرية التي حذّرت منها إيكواس برعاية غربية، إلا أن فرض العقوبات على البلد الحبيس كان له أثر سريع وملحوظ على الاقتصاد المتداعي أصلاً، ويمكن لضغوط من هذا النمط أن تشكّل تحدياً حقيقياً للسلطات الجديدة في البلاد، وهو ما دفعها للبحث عن معابر جديدة بعيدة عن دول إيكواس، التي تحيط بالبلاد من الغرب والجنوب، ويبدو أن السلطات في النيجر وصلت إلى توافق بأن الخيارات المطروحة ستكون فتح معابر للتجارة ونقل احتياجاتها عبر الجزائر وليبيا، وهو ما بدأت تحاول الوصول إلى تفاهمات محددة حوله مع الدول المعنية.
النشاط الجزائري يملك حظوظاً جدية في النجاح، وإذا ما استطاعت فعلاً أن تجد حلاً بعيداً عن العنف، سيكون ذلك بمثابة خرق جديد معاكس لمصلحة الغرب وأتباعه في المنطقة، وتشير التحركات الجزائرية هذه إلى أن الأخيرة ترى نفسها مستهدفة من أي توتير محتمل في المنطقة، ولذلك ترى نفسها معنية بالتحرك السريع بهدف احتواء الموقف، بعد أن استخدمت وزنها السياسي والعسكري بهدف إعاقة الخيار العسكري.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1137