سيفكوف قبل شهر ونصف: «بريغوجين» «الهجوم على الكرملين» و«الانتقام الليبرالي»
يوم السادس من أيار الماضي، أي قبل أكثر من شهر ونصف من أحداث «العصيان المسلح» قرب موسكو الذي جرى يوم السبت 24/6، كان قسطنطين سيفكوف، الدكتور في العلوم العسكرية، ونائب رئيس الأكاديمية العسكرية لعلوم الصواريخ، وفي مقابلة مع إيغور شيشكين على قناة «تلفزيون اليوم День ТВ»، قد تنبأ بما يمكن أن يقدم عليه بريغوجين (صاحب شركة فاغنر) وبالظروف التي تحيط بهكذا محاولة، منطلقاً في حينه من قراءة تصريحات وسلوك بريغوجين، إضافة إلى هجمات الطائرات المسيرة على الكرملين.
قامت قاسيون بترجمة أجزاء من هذا الفيديو، وسيتم نشره مساء الإثنين 26/6 على مُعَرِفاتها الإلكترونية، وهنا ننشر مقتطفات مما قاله سيفكوف، لما فيها من أهمية في فهم الحدث المستجد الذي ما يزال موضع نقاش وتفكير في مختلف وسائل الإعلام.
ترجمة قاسيون
نناقش اليوم هجوم الطائرات المسيرة على الكرملين، وليس فقط الهجوم بحد ذاته، فقد قيل بالفعل الكثير عنه، ولكن أيضاً ردود الفعل عليه على الخصوص، أود تعليقاً منك على عودة ظهور ذلك النوع من هتافات «الوطنيين المتحمسين» الذين باشروا فوراً بالعويل وبتمزيق قمصانهم ألماً أقصد (ديمتري راغوزين)، الذي صرح بأنه بعد ضربة من هذا النوع على الكرملين، يتوجب علينا استخدام الأسلحة النووية ضد القوات الأوكرانية، ولا مخرج آخر لدينا.
ليس الوحيد الذي يقول ذلك، هنالك مشاهير آخرون يقولونه؛ مثلاً: هنالك مقدم تلفزيوني معروف (يقصد سلافيوف) هو وعدد من ضيوفه يمارسون الخطاب نفسه. حسناً، هذا النوع من الكلام يعني أولاً: أن هؤلاء الذين يقولونه هم إما غير مؤهلين على الإطلاق بما يخص القضايا العسكرية؛ أي إلى درجة الجهل بلماذا ولأي غاية يتم استخدام الأسلحة النووية، وكذلك هم عاجزون عن تصور عواقب استخدامها، ولذا يسمحون لأنفسهم بالتلويح باستخدام السلاح النووي دون التفكير بالعواقب. هؤلاء أناس خطرون جداً، ينبغي إبعادهم إلى أقصى حد ممكن عن إمكانية التأثير على آلية اتخاذ القرار في السلطة الروسية، وهذا ينبغي أن يكون واضحاً تماماً. هؤلاء أناس ضيقو الأفق، وببساطة غير مؤهلين للتعامل مع هذه القضايا.
النوع الثاني: هم ذوو النوايا الخبيثة الذين يسعون عمداً لإنجاز مهمة التحريض على صراع مباشر بين روسيا والناتو عبر أوكرانيا. هؤلاء الأشخاص يمثلون تهديداً لأمن بلدنا، وهم يشغلون مواقع مسؤولية تمكنهم من الوصول إلى محركات السلطة وإلى الفضاء الإعلامي. وهؤلاء يجب استبعادهم من هذه الأماكن بشكل حاسم وبسرعة.
السيد ريزنيك (وزير الدفاع الأوكراني) واثقٌ أنهم بالطبع ليست لديهم إطلاقاً القوة اللازمة للسيطرة على الكرملين. الطابور الخامس هو من سيمنحهم الكرملين، ودون قتال.
نعم هو قال فعلاً: إننا نريد الوصول إلى هناك (الكرملين) وليس عبر الحرب.
نعم، علناً، عبر الطابور الخامس وفي هذا السياق بالذات، يتضح لماذا كانوا بحاجة لهذا الاستفزاز. الاستفزاز كان مطلوباً لتحقيق إحدى نتيجتين وفقاً لكيفية الرد الذي ستقوم به روسيا؛ في حال لم تردّ القيادة الروسية بأي شكلٍ من الأشكال، سيؤدي ذلك لفقدان ماء الوجه وفقاً لتقديرهم، وفقدان ماء الوجه، يهيئ شروطاً مواتية لتنحية الرئيس بوتين. بالطبع لن تكون هذه هي الحلقة الوحيدة، سيكون هنالك غيرها الكثير، لكنها بالتأكيد حلقة مهمة جداً، ويمكن تحويلها إلى صاعق انفجار ضمن جملة من الأحداث الأخرى.
وفي حال ردت روسيا بشكل قاسٍ جداً وبسرعة، ما يعني موت عدد كبير من الناس، فقد يتحول هذا إلى سببٍ لانخراط الناتو في الأحداث. بطبيعة الحال، فإنّ القوات الأمريكية لن تنخرط مباشرة، فلديهم لمثل هكذا احتمال نظرية «حرب نووية محدودة». ولن يشعروا بالأسف على البولنديين، والبولنديون بالفعل جاهزون لهذا السيناريو؛ بولندا سبق أن قامت بالتعبئة في نيسان، تم حشد 200 ألف شخص واعذرني، فقد كانوا يكتبون عن ذلك منذ تشرين الثاني الماضي. لقد استنفدت أوكرانيا إمكاناتها ونيران الحرب ضد روسيا الآخذة في التلاشي بحاجة إلى إمدادها بالحطب، وهذا الحطب ينبغي أن يكون البولنديين.
أمريكا لم تعد آسفة على الأوكران، ولذا فهي بكل هدوء تثبت الرادارات على أراضي أوكرانيا، وأيضاً على أراضي بولندا على ما أعتقد، تجهيزاً لحرب نووية محدودة. فكرة هذه الحرب هي أنه في حال دخلت القوات الروسية في صدام مباشر مع بولندا، وهو أمر مرجح للغاية في حال بدأت بولندا أفعالاً عسكرية ضد روسيا، يبدأ الأمر بضربة ضد روسيا على أراضي بولندا، حيث تكون القوات الروسية في منطقة لا تعتبر حساسة بالنسبة لروسيا، أي ضمن أراضي بولندا، وفي المناطق الغربية من أوكرانيا وفي هذه المناطق، في حال هزيمة بولندا يستطيع الأمريكان توجيه ضربة نووية تكتيكية، ونحن بالطبع سنرد. ولذلك على البولنديين أن يفكروا بعمق في هذا الأمر. الذين يعدون لهذا المخطط ليسوا الروس، بل الأمريكان هم من لديهم هذه النظرية. في عهد الاتحاد السوفييتي، حين كانت بولندا في حلف وارسو كان لدى الأمريكان أيضاً نظرية حرب نووية محدودة.
أعتقد أنهم تنصلوا من هذا الفعل (هجوم الكرملين) بشكل متعمد، بغرض إظهار شيء واحد بسيط: هو أنّ معارضة بوتين في روسيا مسألة جدية جداً؛ أنّ الطابور الخامس هو من فعل ذلك.
نعم، لقد قالوا فوراً: لسنا نحن من قمنا بذلك، بل المعارضة الروسية الداخلية.
نعم، هذا ما أتحدث عنه، هم أنفسهم (الغرب) من قاموا بذلك، ولماذا هم بحاجة للتنصل؟ أولاً: لتفعيل هذه المعارضة. ولرفع تقييمها ثانياً. وثالثاً: كما يظهر جلياً، فإنه ضمن خططهم (إذا ما أخذنا بالاعتبار مرة أخرى تصريحات كافولي وكذلك خطاب ريزنيكوف) أنّ المعارضة على وشك عملٍ في الوقت القريب القادم.
في هذا السياق بالذات، يمكن النظر بشكل مختلف تماماً لحدثين مهمين: إقالة الجنرال ميزنتسيف (نائب شويغو) مؤخراً، والذي سرعان ما انتقل ليظهر بوصفه نائباً لبريغوجين (فاغنار)! هذا أولاً. الحدث الثاني المثير للاهتمام: هو قضية أنّ السيد بريغوجين قد أدلى ببيان صاخبٍ جداً؛ فهو اتهم بشكل شخصي وزير الدفاع ورئيس الأركان، وأحياناً بعبارات فاحشة، بالمسؤولية عن جميع القتلى بذريعة أنهم تركوا فاغنر دون ذخيرة.
لنبدأ بحقيقة، أن وزارة الدفاع تزود شركة فاغنر بالسلاح والذخيرة وفقاً لعقد بينهما، لأنّ فاغنر هي منظمة تجارية خاصة وليست حكومية، هي شركة شبه عسكرية. أوكد مرة أخرى، هي منظمة خاصة، ولذا يوجد عقد لها مع وزارة الدفاع، وفقاً له يتم توريد السلاح.
هذا جانب، لكن الحلقة المهمة في المسألة تكمن في شيء آخر؛ في أنّ بريغوجين أعلن أن فاغنر ستترك مواقعها في أرتيوموفيسك في العاشر من أيار، وقد ظهر لدي على الفور السؤال: إلى أين سيذهبون؟ هذا أمر مثير للاهتمام.
لكن الآن، لدي ملاحظة أخرى مهمة أيضاً؛ مغادرة شركة فاغنر لمواقعها لن يكون متفقاً عليه بأي حال من الأحوال مع وزارة الدفاع. وحتى لو تم باتفاق مع وزارة الدفاع، بهذه الطريقة أو تلك، فإنّ هذا سيظهر بوصفه تخلياً عن المواقع في وقت الحرب؛ هذا وصمة عار، وأمر خطير للغاية.
الأكثر إثارة للاهتمام، هو التالي: في الوقت الحاضر، في التشريع الروسي، مفهوم الشركات العسكرية الخاصة، ليس موجوداً. بالمقابل، فإنّ الموجود هو مفهوم المسؤولية عن الارتزاق، والأشخاص الذين يمارسون الارتزاق وفقاً للقانون الروسي، يعتبرون مجرمين. لكن ضمن هذا الصراع، أؤكد ما قلته منذ زمن: مقاتلوا فاغنر أبطال، لا نقاش في ذلك، هم أبطال حقيقيون، ولكن من وجهة نظر القانون فإنّ شركة فاغنر، هي منظمة غير قانونية. وعليه، فإنّ الانسحاب الذاتي، بالحالة الملموسة نتحدث عن فاغنر، يمكن أن يذكرنا بأنها تشكيلٌ غير قانوني على الأرض الروسية. هذا يقود إلى شيء واحد: إلى نزع سلاحه (أي نزع سلاح بريغوجين).
لماذا يمضي بريغوجين بهذا الاتجاه؟ هو ليس غبياً، هو شخص ذكي جداً ولديه تجربة عظيمة، وضمناً بالحرب الإعلامية، فلماذا يمضي بهذا الاتجاه؟ الافتراض الذي لدي، أقوله على الفور: أعتقد أنّ هذا مرتبط شرطياً بأنه يجري التحضير في روسيا لأحداث خطيرة؛ أحداث خطيرة مرتبطة بمحاولة انتقامٍ ليبرالية. ما الذي يمكنني قوله؟ إذا كنا جالسين هنا في بث مباشر، ونرى كل هذه الأمور، فهل أجهزة المخابرات والأمن الروسية لا ترى ولا تعرف ذلك؟ مخابرات هيئة الأركان العامة، لا ترى ولا تعرف ذلك؟ مديرية استخبارات قواتنا المسلحة في أوكرانيا، لا ترى ولا تعرف ذلك؟ كلهم يرون ويعرفون...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1128