تركيا.. الانتخابات بدأت فماذا بعد؟
عتاب منصور عتاب منصور

تركيا.. الانتخابات بدأت فماذا بعد؟

بدأت اليوم في تركيا، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ظل إقبال شديد رصدته كاميرات وسائل الإعلام، ومن المقرر أن تغلق صناديق الاقتراع في مساء اليوم الأحد 15 أيار.

الاهتمام الذي تحظى به هذه الانتخابات لا يُعد مستغرباً، فبرامج القوى المتنافسة من شأنها أن تؤثر بشكلٍ كبير على مستقبل تركيا التي تؤدي دوراً مؤثراً في المنطقة. وسوف يصوت الأتراك في أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع موزعة في جميع أنحاء البلاد، وسوف تحسم هذه الانتخابات رئيس البلاد الجديد لدورة تمتد لخمس سنوات، وسيجري أيضاً اختيار أعضاء البرلمان. ويخوض 24 حزباً سياسياً و151 مرشحاً مستقلاً السباق الانتخابي. ويظهر على الواجهة تنافس واضح بين كلٍ من الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، الذي يخوض هذه الانتخابات عن حزب العدالة والتنمية، ضمن تحالف أوسع من القوى، تحت اسم تحالف الجمهور بمواجهة كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، المرشح عن تحالف الأمة.

مستقبل تركيا

لا يخفى على أحد، أن تركيا تواجه مشاكل كبيرة وحقيقية، وكان للأجواء السائدة في الإقليم منذ أكثر من عقد دور في تعقيد الظروف في الداخل، حتى أن الجيش التركي تورّط في عدد من النزاعات في المنطقة، كان أخطرها في سورية، التي نفّذت فيها القوات التركية عمليات اعتداء متكررة، واحتلت جزءاً من أراضيها، هذا بالإضافة إلى صراع طويل ودموي مع تنظيمات كردية في داخل وخارج تركيا. يضاف إلى ذلك أن موقع تركيا الحساس، جعلها نقطة حيوية في لحظة صراع بين عدد من القوى، فهي تشرف على ممرات حيوية في منطقة القوقاز ووسط آسيا، وكذلك مطلة على البحر الأبيض المتوسط بساحل كبير، وتتحكم باثنين من أكثر المضائق استراتيجية، وهما: مضيقا البوسفور والدردنيل، اللذان يعدان المدخل الوحيد للبحر الأسود، الذي يعد المنفذ الوحيد لعدد من البلدان باتجاه مياه المتوسط، وخصوصاً روسيا. لذلك تعتبر نتائج هذه الانتخابات مؤثرة بشكل كبير في عدد من الملفات، وتحديداً في الخارج، فلا يبدو أن الطرفين المتخاصمين يتفقان في عدد من الملفات الكبرى، وتحديداً في المواقف من روسيا والصين والولايات المتحدة، وكل ما يترتب على ذلك من تفرعات في ملفات إقليمية أخرى.

مخاطر حقيقية

مع كل ما سبق، لا يمكن تجاهل أن اللحظات التي تعيشها تركيا يمكن أن تشكّل تهديداً على مستقبل البلاد في حال انفجرت، فبعد الانقلاب الذي دعمته الولايات المتحدة ضد أردوغان في عام 2016 ظهر وضوحاً حجم الانقسام الداخلي ومدى خطورة الموقف، فتصريحات الرئيس التركي حول أن تركيا تواجه خطر التقسيم لا يمكن قراءتها كخطاب للاستهلاك الإعلامي، أو مجرد جزء من حملة انتخابية شرسة. بل إن جملة المشاكل المتراكمة، وحجم الأزمة العاصفة في العالم لن يمر مرور الكرام على تركيا.. إن لم تحصن جبهتها الداخلية.

حسم موقع تركيا العالمي لا يمكن أن تحدده الأهواء والرغبات الشخصية؟ فالتقارب التدريجي الحذر الذي قاده أردوغان باتجاه الشرق، كان تعبيراً عن ضرورات مرحلة جديدة في تاريخ العالم الحديث، وهي تطورات موضوعية راسخة لا يمكن لأية قوة سياسية تجاهلها، أو القفز فوقها دون أن تدفع فاتورة سياسية باهظة، فإن كانت مواقف القوى السياسية اليوم تبدو متناقضة، فهذا لا يعني أن الخيارات مفتوحة بكلّ الاتجاهات. وسيجد أيّ ممن يصل إلى السلطة في تركيا نفسه أمام أسئلة صعبة بإجابات محدودة جداً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1122