ضربات جديدة للدولار الأمريكي
الدور الذي لعبه الدولار الأمريكي في التجارة العالمية يتراجع، وتبدو الدول أكثر استعداداً للاستغناء عنه بسبب الانعكاسات الإيجابية لذلك على اقتصاداتها، فلا يمر يوم إلا وتتداول وسائل الإعلام خبراً جديداً عن صفقة غير دولارية جديدة، فإلى جانب الصين وروسيا والهند تتوسع القائمة لتشمل دولاً، مثل: السعودية ومصر والبرازيل وفرنسا وكينيا وغيرها.
لكل إعلان جديد من هذا النوع دلالات خاصة، فمن الناحية الأولى، يعتبر أي استغناء عن الدولار في أية صفقة تجارية، تهديداً للهيمنة الأمريكية التي اعتمدت لعقود على الريع الدولاري، فالنزعة المتسارعة للاستغناء عنه تعني بشكل مباشر تراجع لوزن الولايات المتحدة، وما يثير الانتباه مؤخراً، أن هذه التغيرات باتت تجري على بعض السلع الاستراتيجية التي حرصت الولايات المتحدة على تسعيرها بالدولار حصراً.
الصين والبرازيل
قالت الحكومة البرازيلية في 30 آذار الماضي: إنها توصلت إلى اتفاق مع الصين للتخلي عن الدولار، واستخدام عملتيهما المحليتين في تعاملاتهما التجارية الثنائية. وبحسب الوكالة البرازيلية للترويج للتجارة والاستثمار (أبيكسبرازيل) ستخفض هذه الخطوة تكاليف الاستيراد، وتنشط التجارة بين البلدين إلى مستويات قياسية جديدة، وتشجع الاستثمار. التبادل التجاري بين البلدين كان قد وصل إلى حوالي 150 مليار دولار. وإلى جانب كون البرازيل أقوى اقتصادات أمريكيا اللاتينية، ويمكن لتوجهات كهذه أن تؤثر في البلدان الأخرى المحيطة، تتميز صادرات البرازيل إلى الصين بأنها سلع استراتيجية، إذ يبلغ حجم صادرات فول الصويا 37% وخام الحديد 29% وخامات نفطية أخرى 17%، ما يعني تراجعاً جديداً في تسعير هذه الخامات الاستراتيجية، وتحديداً بالدولار.
كينيا والسعودية
وقّع الرئيس الكيني وليام روتو اتفاقيةً مع المملكة العربية السعودية لشراء النفط مقابل الشلن الكينيّ (العملة الوطنية لكينيا) بدلاً من الدولار الأمريكي، وجاء تبرير هذه الخطوة مشابه للتبريرات التي قدمتها مصر بعد انسحابها من اتفاقية الحبوب الدولية. إذ أعلن الرئيس الكيني، أن هذه الخطوة يمكن أن تخفض الطلب على الدولار داخلياً، وتخفف من تأثيرات ذلك على العملة المحلية. وقال: «في الأسبوعين المقبلين، سيكون توافر الدولار مختلفًا تماماً، لأن شركات الوقود لدينا ستدفع الآن مقابل الوقود بالشلن الكيني».
بالرغم من أن الحجم التجاري لهذه الصفقة يكاد لا يذكر، إلّا أن دلالته كبيرة، فكينيا تستورد ما يصل إلى 3.5 مليار دولار من الخامات النفطية، وتحتل الإمارات المرتبة الأولى من حيث الموردين، وتليها السعودية التي تصدر ما يقارب 700 مليون دولار. لكن الخطير في هذا القرار، هو أن موافقة السعودية على إجراء صفقة نفطية غير دولارية يحمل دلالات سياسية كبيرة، ويمكن أن يكون تمهيداً لخطوات أكبر في هذا القطاع، وتحديداً مع الصين.
فرنسا والصين
قالت بورصة «شنغهاي» للبترول والغاز الطبيعي، يوم الثلاثاء 28 آذار: إن الصين أكملت للتو أول صفقة بيع الغاز الطبيعي المسال مع شركة فرنسية للطاقة، بالاعتماد على العملة الوطنية للصين الشعبية، «اليوان». وتشمل الصفقة شراء نحو 65 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال مستوردة من الإمارات.
وتأتي هذه الخطوة في إطار الدور المتزايد الذي تلعبه بورصة شنغهاي في سوق الطاقة العالمي، وكان الرئيس الصيني أكد في نهاية العام الماضي، أن الصين ستواصل استيراد كميات كبيرة من النفط الخام من دول مجلس التعاون الخليجي، وتوسيع واردات الغاز الطبيعي المسال، وتعزيز التعاون في تطوير النفط والغاز وغيرها، وأعلن عزمه الاستفادة من بورصة شنغهاي للنفط والغاز كمنصة لتنفيذ تسوية باليوان لتجارة النفط والغاز.
هذه المؤشرات وغيرها ستكون لها تأثيرات متسارعة تشبه تأثير الدومينو في كثير من القطاعات، لا شك أنها ستلقى معارضة أمريكية، ومحاولة تعطيلها، إلّا أنها تعبير عن اتجاه موضوعي سيجد في نهاية المطاف تعبيراته المناسبة في السوق العالمية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1116