ماذا تريد مصادر سيمور هيرش من هذه التسريبات؟
لم تكد وسائل الإعلام تنتهي من الحديث عن مقال سيمور هيرش، حتى أطلق الصحفي الأمريكي الشهير موجة جديدة من إطلالاتٍ إعلامية، قدّمت أجوبة حول دوافع تسريب هذه المعلومات وضعها على الملأ، وخصوصاً أنها حققت انتشاراً هائلاً، إذ وصل عدد قراءات المقال حسب هيرش إلى أكثر من مليون قراءة حتى اللحظة، ناهيك عن كل المقالات والمقابلات التي تلت نشره.
يعلم الجميع، أن هيرش وفي جميع مقالته المنشورة سابقاً، استند إلى مصدر قادر على الوصول إلى أكثر المعلومات سرية، ما أكّد دائماً أن من يقدّم المعلومات في حالة هيرش أو غيره يرى مصلحة سياسية ما من نشر هذه المعلومات، وفي لحظة محددة. وهو ما طرح السؤال الكبير: ماذا تريد مصادر هيرش من هذا التسريب؟
في حوار جديد أجراه الكاتب الألماني فابيان شيدلر مع سيمور هيرش، تحدث الاثنان- بوضوح أكثر، وبمزيد من التفصيل- حول عملية تفجير أنابيب خط السيل الشمالي 2 التي نشرها هيرش، وقد أكد الأخير: أن غرفة عمليات خاصة بدأت تعقد اجتماعاتها في نهاية عام 2021 حتى قبل بدء الحرب في أوكرانيا. وأكد المصدر الذي استند له المقال: أن فريقاً من وكالة المخابرات المركزية، ووكالة الأمن القومي، ووزارة الخارجية، ووزارة الخزانة، وغيرهم.. جلسوا ليبحثوا نمطين من الخطوات التي يمكن للولايات المتحدة القيام بها لمواجهة روسيا، الأول: يمكن التراجع عنها كالعقوبات مثلاً، وآخر: لا يمكن التراجع عنه، كتفجير خطوط الأنابيب! ولأن هيرش أراد أن يؤكد للبيت الأبيض أنه يعلم الكثير حول الأمر، أشار إلى أن مكان الاجتماع، وهو «مكتب سري بجوار البيت الأبيض، في مبنى إداري يسمى مبنى المكتب التنفيذي، وهو مبنى متصل تحت الأرض من خلال نفق، وتقيم فيه مجموعة خارجية من المستشارين، تسمى المجلس الاستشاري الاستخبارات الرئيس».
تحدث هيرش مع محاوره حول المخاوف التي نشأت في أوساط المشاركين في العملية بعد اتخاذ بايدن هذا «القرار المجنون» وتحدثوا أيضاً عن أن الدافع الأساسي لتفجير خط الأنابيب هو قلق في إدارة بايدن من أن شتاءً قاسياً يمكن أن يدفع ألمانيا للتراجع عن قرارها بإيقاف السيل الشمالي واستخدامه في نقل الغاز الروسي، وهو ما لا يعد خياراً ملائماً للإدارة الأمريكية، التي أرادت تأجيج الحرب ودفع الأوروبيين في طريقٍ لا رجعة منه، وفي إجابته عن سؤال شيدلر، حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ترغب في توجيه ضربة للاقتصاد الألماني المنافس عبر حرمانه من الطاقة الرخيصة، أشار هيرش إلى أنه «لا يعتبر بلينكن وآخرين في الإدارة مفكرين عميقين» واستبعد وجود مخطط كهذا في رؤوسهم، لكنه لم ينفِ أن يكون بعض الاقتصاديين الأمريكيين يرغبون بذلك.
لا تزال التفاعلات مع هذه التسريبات جارية، ويبدو أنها سوف تتوسع أكثر، وخصوصاً أن هيرش لم يُفرغ كل ما في جعبته بعد! لكن المثير للانتباه، أن تصريحاته الأخيرة تحاول تقديم الإدارة الأمريكية الحالية بوصفها المسؤولة عن عمل عدائي لا ضد روسيا فحسب، بل ضد حلفائها الغربيين، وهو ما أكده شيدلر، ويضاف إلى ذلك أن هيرش بدأ يوجّه هجومه على الإدارة الحالية في محاولة واضحة للضغط عليها، وتحديداً من باب أنها تجاوزت الكونغرس في هذه المسألة، عبر الاستعانة بوكالة المخابرات المركزية، وهو ما يشير إلى أن «مصادر هيرش» ربما تسعى لكشف فضائح من هذا النمط أملاً في تكبيل الإدارة الحالية، أو حتى إسقاطها، مع ما سوف يرافق ذلك من تراجع في الصراع في أوكرانيا، الذي أشار هيرش إلى أن نتيجته ستكون محسومة لصالح الروس.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1110