الجزائر… خطوات ملموسة في الاتجاه المطلوب
عتاب منصور عتاب منصور

الجزائر… خطوات ملموسة في الاتجاه المطلوب

تتوجه الأنظار مؤخراً باتجاه الجزائر، التي بدأت تلعب دوراً متزايداً على الساحة العربية والإفريقية وحتى العالمية، وتحديداً مع البحث الأوروبي المتزايد عن مصادر لتأمين الطاقة بدلاً من روسيا التي تمضي جنباً إلى جنب مع الجزائر لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، في كافة المجالات، ما بات يشكّل عامل قلقٍ حقيقي بالنسبة لواشنطن، التي بدأت تستشعر أن «حياد» الجزائر لن يطول.

مع تطور الصدام العالمي الذي نشهد ارتداداته اليوم، أعلنت مجموعة من الدول وقوفها على الحياد، الموقف الذي ساعد روسيا في إيجاد مخرج من الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تعرضّت لها، وحرم الغرب المقاد أمريكياً من تسخير موارد هذه البلدان في حربٍ كهذه. لكن تطور الأحداث يفرض على «الدول المحايدة» مواقف أكثر جذرية من مجمل القضايا العالمية، وتحديداً عندما بدأت مصالحها الوطنية تصطدم بشكلٍ مباشر مع أجندة الهيمنة الأمريكية.

الجزائر موردة للطاقة

رغم العلاقات المتينة بين موسكو والجزائر، إلا أن الأخيرة أبدت استعداداً كبيراً لتأمين جزء من النقص في إمدادات الطاقة إلى أوروبا، وبدأت الأحاديث تتسارع عن صفقات بين الدولة الإفريقية وجيرانها الأوروبيين، حتى بتنا نسمع إعلانات جزائرية عن استعدادها لنقل الكهرباء عبر كابل بحري إلى إيطاليا، في محاولة لتأمين أكبر كم من الاحتياجات الأوروبية. لكن القيادة السياسية في البلاد وجدّت أنها ستتضرر جراء إصرار الغرب على وضع سقوف لأسعار المواد الخام، مثل النفط والغاز، وأعلنت صراحة رفضها لهذه القرارات الجديدة، التي من شأنها تقليل موارد الدول صاحبة هذه الخامات، وإجبارها على قبول التبادل اللامتكافئ كشكل وحيد للعلاقات الدولية المقبولة أمريكياً. كل هذا يشكّل ضغوطاً حقيقية على الجزائر، التي تدرك أنها مجبرة لاتخاذ خطوات ملموسة للتعامل مع ظروف كهذه، فما هي ملامح الأجندة الموضوعة على طاولة التنفيذ؟

2023 عام البريكس!

أعلن الرئيس عبد المجيد تبون، أن العام القادم سيكون عام انضمام بلاده إلى مجموعة «بريكس» موضحاً، أن هذه الخطوة مرهونة برفع الناتج الوطني إلى 200 مليار دولار، الأمر الذي يتطلب زيادة جدية في الاستثمارات، وخصوصاً في قطاعات الطاقة. من جهة أخرى، يبدو أن عزم الجزائر المضي في هذا الاتجاه لا يلاقي ترحيباً غربياً، بل على العكس تماماً، إذا تتعرض لضغوط شديدة، من واشنطن تحديداً، ما دفع تبون لرفض التدخل في شؤون بلاده أو قراراتها السيادية وعلاقاتها الخارجية، معتبراً أن الروابط بين روسيا والجزائر ليست جديدة، إنما تعود إلى أكثر من 60 سنة. مؤكداً نيّته زيارة موسكو، تلبية للدعوة التي قدمها وزير الخارجية الروسي له في الجزائر. موضحاً أنه لا يرى أن صداقة بلاده مع روسيا تشكّل تهديداً لأحد.

ضربات حقيقية لقوى الفساد!

ربما أكثر ما يثير الانتباه في سلوك الجزائر مؤخراً، هو بدء حملة موسّعة لضرب الفساد، فمع تعاظم الضغط الخارجي، تجد القيادة السياسية الحالية فرصة لتصفية ما أمكن من الفاسدين والمتنفذين داخل جهاز الدولة وخارجها. ولذلك حصلت محكمة سيدي أمحمد في العاصمة على تغطية سياسية وصلاحيات واسعة لمعالجة قضايا من هذا النوع. وأعلن تبون أنه: «لم يعد من الممكن أن يكون لدى أحد طائرة خاصة في مقابل آخر يستيقظ في الخامسة صباحاً للحصول على كيس حليب». وقد طالت هذه المحاكمات محمد مزيان، الرئيس السابق لشركة المحروقات المملوكة للدولة «سوناطراك». وبرلماني محافظة برج بوعريريج، عز الدين حماوي، وحكمت على محافظ الولاية نفسها عز الدين مشري بالسجن، وعلى رجال أعمال بارزين من الولاية ذاتها. الاتهامات، مثل: إبرام صفقات مخالفة للتشريع، ومنح امتيازات غير مستحقة، وسوء استغلال الوظيفة، وتعارض المصالح وغسيل أموال. وقد جرت مصادرة أملاك كل المدانين بتهم الفساد وأعادت الجزائر ما يصل قيمته إلى 20 مليار دولار إلى خزينة الدولة، ما يمكن أن يؤدي دوراً مهماً في زيادة الاستثمار في القطاعات المنتجة ويُعيد توزيع الثروة لمصلحة الأغلبية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1102
آخر تعديل على الثلاثاء, 03 كانون2/يناير 2023 18:50