في معاني ودلالات المصافحة بين أردوغان والسيسي

بصرف النظر عمّا إذا كانت المصافحة مرتّبة بروتوكولياً بشكلٍ مسبق أم لا، إلا أن المؤشرات بوجود تقارب مصري تركي كانت قد سبقتها منذ زمن، وقبل ثلاثة أيام منها فقط صرح أردوغان «يمكننا إعادة النظر مجدداً في علاقاتنا مع الدول التي لدينا معها مشاكل، ويمكننا القيام بذلك بعد الانتخابات الرئاسية التركية» وهو ما فسرته مختلف وسائل الإعلام التركية بأنه إشارة حول مصر، فضلاً عن «المفاوضات الاستكشافية» التي جرت سابقاً بين البلدين.
عُقب المصافحة، علّق أردوغان «قلنا سابقاً يمكن البدء بمسار، وهذه كانت بمثابة خطوة تم اتخاذها من أجل بدء هذا المسار.. الروابط القائمة في الماضي بين الشعبين التركي والمصري هامة جداً بالنسبة لنا. ما الذي يمنع من أن تكون كذلك مجدداً. وقدمنا مؤشرات في هذا الخصوص... آمل أن ننقل المرحلة التي بدأت بين وزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقًا عبر محادثات رفيعة المستوى».
ومن جهة أخرى، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي حول المصافحة، أنه تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، كما تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين.
تفتح هذه المصافحة باباً لتواصل أوسع بين الدولتين، إلا أنها لا تعني انتهاء أو تنازل أي من الطرفين عن شروطه بطبيعة الحال، وتحديداً الجانب المصري منهما، والمتعلق أولاً: بالموقف التركي تجاه ليبيا، والتدخل فيها. وثانياً: ما يتعلق بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، سواء بترسيم الحدود أو التنقيب عن الغاز فيه، والتي صرّحت مصر مراراً بعدم وجود خطوات تركية إيجابية بهذا الخصوص، مما أفشل المفاوضات الاستكشافية السابقة.
وقد وصفت وسائل الإعلام المصافحة بإذابة للجليد، وهو أمر صحيح إن ارتبط بخطوات لاحقة، إلا أن أولى المؤشرات العملية بعدها كانت انتقاداً تركياً- على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية التركية تانغو بيلغيتش في 24 الشهر الجاري- لمذكرة التفاهم الموقعة مؤخراً بين اليونان ومصر، حول التعاون في مجالات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط.
من المتوقع عموماً واستراتيجياً، أن تمضي العلاقات التركية المصرية باتجاه إيجابي عبر تنازلات متبادلة، إلا أن ذلك يسير ببطء شديد في الوقت الراهن، نظراً لكثرة الملفات وتعقيدها بين البلدين وارتباطها مع مجمل التطورات الدولية، فضلاً عن الحالة الداخلية في كل منهما، ولذا فما يمكن قوله الآن، هو أن المصافحة وضعت وأعلنت الحد الأدنى لدرجة ومستوى العلاقات، وسيكون الجهد المبذول حالياً، وإلى حين انتهاء الانتخابات التركية، ألا تتدنى العلاقات تحت هذا الحد.