مجموعة العشرين وآبيك: الغربيون يفشلون في فرض أجندتهم!

مجموعة العشرين وآبيك: الغربيون يفشلون في فرض أجندتهم!

ضجّ الأسبوع الماضي بحدثين دوليين كبيرين، الأول: كان قمة رؤساء مجموعة العشرين «G20» في المدينة الإندونيسية بالي، بغياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والثاني: قمة القادة والممثلين الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ «آبيك – APEC» في العاصمة التايلندية بانكوك... وكان الأمر الأكثر أهميةً على المستوى السياسي الدولي، هو إدانة كلا الإعلانين الختاميين في القمتين للحرب في أوكرانيا، مع التنويه على وجود آراء متباينة لدى الأعضاء، بما يعنيه ذلك من فشل غربي ومؤشر تراجع لهم، وتقدّم لروسيا في كلتا الهيئتين.

إعلانا قمتي مجموعة العشرين وآبيك

في قمة مجموعة العشرين، لم توافق الصين والسعودية والمكسيك والهند والبرازيل وتركيا وجنوب إفريقيا وإندونيسيا على إدانة روسيا حول ما يجري في أوكرانيا، وجاء في الفقرة الثالثة من البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين «أدان غالبية الأعضاء الحرب في أوكرانيا، وشددوا على أنها تتسبب بمعاناة إنسانية هائلة، وتفاقم من هشاشة الاقتصاد العالمي الحالية، من تقييد النمو وزيادة التضخم وتعطل سلاسل التوريد وارتفاع انعدام أمن الطاقة والأمن الغذائي وزيادة مخاطر الاستقرار المالي. وكانت هناك آراء أخرى وتقييمات مختلفة للوضع والعقوبات».
ورغم أن اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ APEC لم يصدر عنه بيان ختامي، وإنما إعلان ختامي، فقد كانت فقرته الثالثة مطابقة تماماً للفقرة المذكورة آنفاً.
وفي الفقرة الرابعة من بيان مجموعة العشرين الختامي، ذُكر التأكيد على أنه «من الضروري التمسك بالقانون الدولي، والنظام متعدد الأطراف لحماية السلام والاستقرار. ذلك يشمل الدفاع عن جميع الأغراض والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، والالتزام بالقانون الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين والبنية التحتية في الصراعات المسلحة. إن استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها أمر غير مقبول. إن الحل السلمي للنزاعات، والجهود المبذولة لحل الأزمات، والدبلوماسية والحوار، جميعها أمور أساسية. لا يجب أن يكون عصرنا اليوم عصر حرب».
وعرضت بقية الفقرات مواقف الأعضاء المشتركة تجاه التنمية والمشاكل المالية في الفقرة 5، ومن 6 إلى 8 أزمة الغذاء، وقد اشتركت هذه الفقرات بتأكيدها على حل الأزمات لمساعدة البلدان النامية، ومن الفقرة 11 حتى 18 حول أزمتي المناخ والطاقة، وبقية الفقرات حول الأزمات الصحية، الاقتصاد الرقمي، التضخم واستقرار الأسعار، العملات المشفرة وضرورة مراقبتها، التجارة العالمية، المهاجرين واللاجئين، وغيرها من القضايا.
وكان من اللافت، المواقف والصيغ المكتوبة في البيان، والتي أكدت مراراً على التعددية في مختلف القضايا الاقتصادية التجارية والمالية، وضمناً على عدم التحيز لصالح الدول الغنية على حساب الدول الفقيرة أو النامية، وإنما العكس، وضعها كأولوية إنسانية.. وبما يشابه ذلك كانت صيغة الإعلان الختامي لقمة آبيك أيضاً.
ومن المهم التنويه إلى حدث آخر أعلنت عنه ممثلة الرئيس الروسي في مجموعة العشرين سفيتلانا لوكاش، أنه تم على هامش القمة مناقشة الانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية بين بعض دول المجموعة.

ردود الفعل

اعتبر المتحدث الرسمي باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن البيان الختامي لمجموعة العشرين كان «انتصاراً للفطرة السليمة والحلول الوسط» مشيراً إلى أنه كان من الممكن أن ينتهي الاجتماع دون بيان ختامي للمرة الأولى، لكن تم «تحييد العدوانية العمياء للغرب الجماعي». وقال مدير إدارة التعاون الاقتصادي بالخارجية الروسية ديميتري بيريشيفسكي: إن الإعلان «يناسب الجميع».
على الجهة المقابلة، قوبل البيانان، وتحديداً الصادر عن مجموعة العشرين، بردود فعل غربية إعلامية مستاءة منه، فضلاً عن عدم تغطيته إعلامياً بنفس مستوى السنين السابقة و/أو تحريف محتواه من إدانة الحرب إلى إدانة روسيا في العناوين العريضة.

المعاني السياسية والعملية

على الرغم من أن بياني كلا الاجتماعين، الأخيرين أو ما قبلهما في السنوات السابقة، لا يُعد محتواها مُلزماً لأي عضو فيهما، إلا أنهما يُعبران عن المواقف السياسية الدولية وتطوراتها في كل عام، وجعلا الباب مفتوحاً- للدول الجدية منها- للتعاون فيما بينها وتنفيذ مضامينها، وامتازت هذه المرة بأن الغربيين بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لم يكونوا مهيمنين، ولم يتمكنوا من فرض أجندتهم فيهما، مما يعني فشلاً وتراجعاً غربياً وأمريكياً بكل ما يحمله البيانان من معنى، وذلك فضلاً عن رغبة العديد من الأعضاء بالانضمام إلى مجموعة بريكس أيضاً.
وفي حين أن الدول الغربية تدّعي شيئاً وتفعل عكسه، تعلن وتوقع على بيان ثم تخالفه تلبيةً لمصالحها بالهيمنة، فإن الدول الأخرى كروسيا والصين والبرازيل والهند وتركيا وجنوب إفريقيا والسعودية، فضلاً عن غيرها، تمضي باتجاه مختلف، يتكيّف مع سياسات التوازن الدولي الجديد، بما فيها الأحاديث حول التعددية في الاقتصاد والسياسة، والتعاون والتنمية والاستدامة، تلبيةً لمصالحهم بالتخلص من الهيمنة الغربية نفسها عموماً، وفي ظل الأزمة الراهنة وتداعياتها المدمرة خاصةً، مما يعني أن البنود الواردة في البيانين تجد لها تنفيذاً عملياً جدياً من قبل هذه الدول.
يشكل هذا التقدم الدولي للشرق، والمؤشرات بالتراجع الغربي في هذه الاجتماعات، خطوة إضافية تجاه تحقيق الأمر نفسه في المحافل الدولية الأكبر، وتحديداً منها: الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، اللذان لا يزال الغربيون والأمريكيون خاصة- وبشكل بات مؤقتاً- مهيمنين عليهما بدرجة ما.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1097