الدول العربية تثبّت «عدم انحيازها» عملياً
ملاذ سعد ملاذ سعد

الدول العربية تثبّت «عدم انحيازها» عملياً

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة- في اجتماع لها يوم الاثنين 14 تشرين الثاني- قراراً غير ملزم بإنشاء آلية دولية للتعويض على الأضرار والخسائر والإصابات الناجمة عن المعركة في أوكرانيا وتوثيق الأدلة والادعاءات، محملاً روسيا المسؤولية، ومطالباً إياها بدفع تعويضات الدمار الناجم عن الصراع.

اقترح مشروع القرار من قبل أوكرانيا وكندا وهولندا وغواتيمالا، وقد أيدته 94 دولة عضواً، وعارضته 14 دولة من بينها مالي وإثيوبيا، وامتنعت 73 عن التصويت، شملت الهند والبرازيل وكافة الدول العربية باستثناء قطر.
يعد هذا التصويت أول اختبار عملي لما جاء في البيان الختامي للقمة العربية الأخيرة في الجزائر، والذي أشار فيما يتعلق بالملف الأوكراني على عدم الانحياز، حيث جاء فيه «الالتزام بمبادئ عدم الانحياز وبالموقف العربي المشترك من الحرب في أوكرانيا، الذي يقوم على نبذ استعمال القوة، والسعي لتفعيل خيار السلام عبر الانخراط الفعلي لمجموعة الاتصال الوزارية العربية التي تضم الجزائر، ومصر، والأردن، والإمارات العربية المتحدة، والعراق والسودان والأمين العام لجامعة الدول العربية، في الجهود الدولية الرامية لبلورة حل سياسي للأزمة، يتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويراعي الشواغل الأمنية للأطراف المعنية، مع رفض تسييس المنظمات الدولية».
حيث يُعد موقف الدول العربية العملي هذا مع الاستناد إلى ما جاء في بيان القمة الختامي نظرياً، مؤشراً هاماً على موقع الدول العربية، لا من الملف الأوكراني بعينه، وإنما رمزيته ومعانيه، أي الموقف من الغربيين والولايات المتحدة تحديداً، ومجمل التطورات الدولية الناشئة، وهو يثبت تغيراً واضحاً بالابتعاد عن الفلك الأمريكي والميل تجاه الشرق، وما «عدم الانحياز» الراهن إلا بمثابة حالة انتقالية مؤقتة، إذا ما وضعت وشوهدت في مسارها التاريخي الموضوعي والتطور اللاحق، أي الخروج والنجاة من الهيمنة الأمريكية وتداعيات أزمتها وتراجعها، نحو الانسجام والتوافق مع روسيا والصين وبقية الدول الصاعدة.
خاصة وأن فقرة عدم الانحياز، تُعد واحدة من العديد غيرها التي تصب في نفس المعنى والاتجاه، ومنها مثالاً: ما كان من تأكيد على ضرورة وجود «مقاربة تكفل التكافؤ والمساواة بين جميع الدول وتضع حداً لتهميش الدول النامية» و «تثمين السياسة المتوازنة التي انتهجها تحالف أوبيك+» رغم ضرره على واشنطن ومعارضتها له.
سياسة عدم الانحياز في ظل حجم وحدة الصراع الدولي الحالي، لا يمكن النظر إليها إلا بوصفها حرمان واشنطن وكامل المعسكر الغربي من دفع المزيد من الدول للانخراط في معاركهم. فعدم الانحياز لا يعني: تأييد روسيا بالمطلق، لكنه يعني: أن الدول العربية تسعى لإدارة مواردها وسياساتها الخارجية بعيداً عن الغرب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1097