محاولة اغتيال «خان»: واشنطن لم تفرض سيطرتها بعد!
عتاب منصور عتاب منصور

محاولة اغتيال «خان»: واشنطن لم تفرض سيطرتها بعد!

نجا رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق عمران خان من محاولة اغتيال في تجمع حاشد في وزير آباد، هذا الحدث الذي جاء في سياق أزمة سياسية وأمنية متسارعة تشهدها باكستان منذ أشهر، والتي تعكس صراعاً سياسياً داخلياً ذا امتدادات اقليمية ودولية، ولهذا تبدو محاولة الاغتيال هذه مؤشراً جديداً على حجم الصراع الجاري الذي قد لا يقف عند هذا الحد!

توقف موكب رئيس الوزراء السابق عمران خان في وزير أباد، بعد أن قام مهاجم «على الأقل» بإطلاق الرصاص من مسدس أوتوماتيكي على الموكب الذي كان يشارك باحتجاجات يقودها خان من صفوف المعارضة، الحادثة التي وقعت يوم الخميس 3 تشرين الثاني الجاري على بعد 170 كم شرق العاصمة الباكستانية إسلام أباد، ستشكّل بكل تأكيد نقطة مفصلية في تطور الصراع السياسي داخل البلاد.

عمران خان والتيار الذي يمثله

بعد أن سحب مجلس النواب الثقة عن خان في 10 نيسان 2022 تصاعدت حملة التضييق على السياسي ولاعب الكريكت الباكستاني، وجرى توجيه اتهامات له من قبل خصومه الذين يسيطرون على المشهد السياسي. خان يعبّر عن إحدى الكتل السياسية الرئيسية في باكستان، والتي لا يمكن النظر إليها بوصفها تنتمي إلى البنية التقليدية التاريخية، فخان كان يقود توجهاً في آخر فترات حكمه، تمّيز بالابتعاد التدريجي والواضح عن الغرب والولايات المتحدة الذين لعبوا دوراً محورياً في تأسيس باكستان بشكلها الحالي، وحاولوا توظيفها تاريخياً لخدمة المشروع الغربي في شبه القارة الهندية وأواسط آسيا. هذا التحوّل الذي قاده خان لم يكن يوماً غائباً عن القوى السياسية، ولكن لم يصل سابقاً ليوضع موضع التنفيذ كما في سنوات خان. ولذلك لم يكن من الصعب التنبؤ بأن واشنطن تسعى لإبعاده عن المشهد، وهو ما كان واضحاً في بدء حملة إزاحته عن السلطة، والتي اتهم خان واشنطن صراحة بالوقوف خلفها. لكن رئيس الوزراء الأسبق وعلى الرغم من أن حظوظه تراجعت لفترة من الزمن، عاد بقوة لتصدر المشهد، وبدأ يحرّك جزءاً كبيراً من الشارع في باكستان، لمواجهة الحكومة الحالية ورئيس وزرائها المقرب من واشنطن شهباز شريف.

محاولة الاغتيال وما بعدها

يتميز عمران خان عن غيره من القوى السياسية في باكستان أنه حلقة وصل حقيقية في هذا التيار، وهو من الوجوه القليلة القادرة على أداء هذا الدور، نظراً لشعبيته الكبيرة في أوساط الباكستانيين، لذلك يمكن لاغتياله أن يشكّل ضربة موجعة لهذا التيار الذي سيحتاج الوقت لتحضير شخصية جديدة لقيادة حزب إنصاف. لكن نجاة خان من محاولة الاغتيال هذه يمكن أن تنتج موجة جديدة لصالحه في البلاد، وهي ما بدأت بوادرها تظهر على شكل احتجاجات حاشدة في عدد من المناطق في البلاد. والتي من المتوقع أن تتصاعد مجدداً بعد أن يتعافى خان من إصابته.
كل ما جرى، يؤكد: أن المعركة في باكستان لم تحسم لصالح واشنطن كما جرى الترويج في الأشهر الماضية، فالصراع لا زال يتفاعل ويتفاقم، فتغيّر السياسية الخارجية لباكستان وانتقالها من المعسكر الغربي إلى نقطة أقرب إلى الشرق لن تكون عملية سهلة، وخصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن جهاز الدولة في باكستان يعتمد بشكل أساسي على الجيش الذي ارتبط بالغرب لعقودٍ مضت، ولن تكون مهمة التحوّل هذه ممكنة دون صراع داخلي حقيقي. يدرك خان أن المناخ الإقليمي والدولي المحيط يمكن أن يشكّل رافعة لتياره الذي قد ترتفع حظوظه في النجاح، إذا ما أدارت المعارضة المرحلة القادمة بدقة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1095
آخر تعديل على الإثنين, 07 تشرين2/نوفمبر 2022 11:36