علاقات فرنسية ألمانية صعبة تحتاج «إعادة ضبط» كامل
ملاذ سعد ملاذ سعد

علاقات فرنسية ألمانية صعبة تحتاج «إعادة ضبط» كامل

لا يبدو أن الأوروبيين قادرين على إيجاد نقاط الالتقاء فيما بينهم، بقدر ما تتزايد نقاط الاختلافات، وعلى كافة المستويات اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وعلى اعتبار أن القوى الأوروبية الأبرز تتكون من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، فإن خلافات هذا الثلاثي بشكلٍ خاص تضع سمت تطور أوروبا بأكملها، فمن جهة ساءت العلاقات البريطانية الأوروبية منذ بريكست، ومؤخراً تتزايد الخلافات ما بين فرنسا وألمانيا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وأزمة الطاقة.

قال وزير المالية الفرنسي برونو لامير يوم الثلاثاء الماضي: إن العلاقات الألمانية الفرنسية باتت بحاجة لـ «إعادة ضبط» كامل، وذلك على خلفية تأجيل القمة السنوية ما بين ممثلين عن حكومتي البلدين ورئاستيهما، من موعدها الذي كان مزمعاً الأسبوع الجاري، حتى شهر كانون الثاني من العام القادم، وهو تأجيل يعكس تصدّع بالعلاقات الثنائية.
وقد وصف لامير هذه العلاقات حالياً بالـ «صعبة» بسبب، أولاً: ميل ألمانيا نحو التقارب مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف الأوكراني، بمقابل فرنسا التي تدعو إلى «السيادة الأوروبية». وثانياً: سياسة الطاقة الألمانية ونموذجها الحالي بعد توقف تدفق الغاز الروسي إليها، مما يجعل منها موضع تساؤل، في حين تحاول فرنسا الدفع مجدداً باتجاه الطاقة النووية. وثالثاً: الصعوبات المتزايدة التي تواجه ألمانيا ضمن ظروف العمل الجديدة في الصين، أي نشاط مستثمريها وصناعاتها في الصين والوارد منها.
وقال: «الحرب في أوكرانيا، والسؤال المتعلق بالغاز والطاقة، ومسألة الصين، تقودنا إلى إعادة تحديد العلاقات الاستراتيجية بين فرنسا وألمانيا» واعتبر أن هذا الأمر قد يفتح المجال أمام إنشاء تحالف جديد بين الدولتين.
ومن ثنايا هذه الخلافات بالمعاني الملموسة، نذكر مثلاً: استياء الفرنسيين سابقاً مما أسموه «قرارات أحادية الجانب» من قبل ألمانيا، وكان منها إعلان برلين عن حزمة طاقة بقيمة 200 مليار يورو دون إخطار باريس مسبقاً بها، ومن جهة أخرى أعربت ألمانيا عن استيائها من رفض فرنسا لمقترح ألماني- إسباني سابق، ببناء خط أنابيب غاز جديد للاستعاضة به عن الغاز الروسي، في حين تركز فرنسا جهودها نحو الطاقة النووية.
ما سبق ذكره، يشكل غيضاً من فيض، سواء بالخلافات الفرنسية- الألمانية، أو الأوروبية الداخلية عموماً، وهو الجزء الذي بات يظهر إعلامياً على أقل تقدير، فالاعتراض الفرنسي من تعاون ألمانيا مع الولايات المتحدة عوضاً عن استجابتها لدعوات فرنسا بالسيادة الأوروبية مثلاً، يذكرنا ويرتبط مباشرة بالطرح الفرنسي السابق بإقامة تحالف دفاعي أوروبي جديد، خلافاً للناتو، ولا توجد به الولايات المتحدة أو هيمنتها وابتزازها، مما يدل على أن هذه الفكرة تجري مداولتها والنقاش حولها في أوروبا، دون أية تصريحات أو إضاءات إعلامية عليها، وبالمثل ما يتعلق بالغاز الروسي، أو السياسة الخارجية تجاه الملف الأوكراني والنظام الأوكراني والدعم المقدم له، وسط نسب التضخم المرتفعة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1093