هل تؤثر التهديدات الأمريكية التوجه العام في الجزائر؟
عتاب منصور عتاب منصور

هل تؤثر التهديدات الأمريكية التوجه العام في الجزائر؟

تتعالى أصوات في الكونغرس الأمريكي ضد الجزائر، ويرى عدد من نواب المجلس: أن تنامي العلاقات الجزائرية الروسية لا ينبغي أن يبقى دون رد من واشنطن، وعليه وجّه 27 نائباً رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، طالبوا من خلالها بفرض عقوبات على الحكومة الجزائرية، هل ستؤثر خطوات كهذه على الاتجاه العام في السياسة الخارجية الجزائرية؟

لا شك أن العلاقات الجزائرية الروسية تشهد تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إلى تلك الدرجة التي أصبحت الأخبار الجديدة حول التعاون المستمر بين البلدين لا تنقطع، وتتضح بشكل متسارع ملامح هذه الطبيعة الاستراتيجية لهذه العلاقة.

هل نشهد حزم عقوبات قريباً؟

يستند تحرك المشرعين الأمريكيين إلى قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA)، الذي أقره الكونغرس في عام 2017. والذي يخوّل الحكومة الأمريكية نظرياً لفرض عقوبات على أيٍّ من الدول التي تتمتع بعلاقات متينة مع روسيا، وخاصة في المجال العسكري، وهو ما ينطبق على الجزائر. أي أن احتمال فرض حزم من العقوبات هو احتمال قائم، حتى وإن أخّرت الإدارة الأمريكية هذا التوجه. ونظراً لكون العقوبات الأمريكية كانت سلاح واشنطن الأساسي في فرض الهيمنة على العالم في العقود الماضية، ينبغي علينا البحث حول الهدف الأمريكي العميق من توجيه ضربات للعلاقة الجزائرية- الروسية.

ما معنى العلاقات الجزائرية- الروسية؟

تتمتع الجزائر بمقدرات تسمح لها بلعب دور إقليمي بارز في المنطقة، ويسمح موقعها الجغرافي والسياسي بالتأثير الفعال بعدد من الملفات في شمال إفريقيا وغرب آسيا، أي أن الجزائر قادرة على أداء أدوار مهمة في الملف السوري والفلسطيني والليبي، هذا بالإضافة إلى كونها لاعباً أساسياً في ملف الصحراء الغربية، وغيرها من القضايا الإفريقية الشائكة، كمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي مثلاً. ويضاف إلى ذلك أن الجزائر منتج مهم للطاقة، ما يجعلها توجهاتها وسياستها الخارجية عاملاً مؤثراً في الصراع العالمي الدائر.
وفي المعنى الملموس، بدأنا نلحظ مؤخراً تنامياً للنشاط الجزائري في المنطقة، فهي تحضر الأجواء لعقد قمة جديدة للجامعة العربية، وتجري اتصالات واسعة في هذا السياق، واستضافت بالفعل لقاءات مع الفصائل الفلسطينية تحت عنوان المصالحة، وتدل الإشارات الأولية إلى جدّية هذا المسعى. كما وازدادت وتيرة الاهتمام الأوروبي بمصادر الطاقة الجزائرية، ما جعل الغاز الجزائري موضوعاً لعدد من الزيارات واللقاءات بين مسؤولين أوروبيين وجزائريين. المشكلة الكبرى بالنسبة لواشنطن في كل هذا، هي كونه يجري وسط تعاون وتنسيق كبير مع روسيا، ما يجعل النشاط الجزائري معرقلاً للمشاريع الأمريكية في بعض الملفات.
إذا ما حسمت واشنطن أمرها في توجيه عقوبات ضد الجزائر، سيشكل هذا سبباً إضافيا للتقارب مع روسيا التي تبدو مستعدة لتوسيع التعاون الثنائي. ويدل الحديث عن صفقة طائرات Su-57 الروسية على آفاق هذه العلاقة، وخصوصاً أن الجزائر ستكون- إن صحت هذه الأنباء- أول دولة تمتلك مقاتلات الجيل الخامس الروسية. ربما تشكّل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي سبباً إضافياً للتوتر بين واشنطن والجزائر، وخصوصاً، أن الأولى تسعى بشكلٍ واضح لعرقلة إمداد الغاز إلى أوروبا، أملاً في احتكار هذه السوق، وفرض عقود الغاز الأعلى تكلفة على أوروبا في محاولة لإخراجها من المنافسة.
من المثير للانتباه، أن السلوك الجزائري حتى اللحظة لا يتأثر بالتهديدات الأمريكية، بل ستكون هذه التهديدات- في حالة مثل الجزائر- كافية لتثبيت الاتجاه الحالي، والمضي قدماً في تطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية مع القوى الصاعدة في العالم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1090