عودة الاشتباكات إلى طرابلس الليبية: نتيجة طبيعية
بدأت تظهر أولى تداعيات استئناف تصدير النفط الليبي بالشكل الذي سارت عليه عسكرياً داخل البلاد، حيث شهدت العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات عنيفة يوم الجمعة بين فصيلين مسلحين، كما اندلعت اشتباكات مسلحة في محيط مدينة مصراتة.
وبينما تعود الأسباب التي يجري تداولها إعلامياً إلى خلافات ثنائية ومحدودة تسببت في حصول هذه الاشتباكات، كاعتقال إحدى الميليشيات لأحد قادة ميليشيا أخرى في طرابلس، إلّا أن الأسباب الحقيقية تكمن بالخلافات السياسية العميقة الجارية بين مختلف الأطراف الليبية، وتصاعد هذه الخلافات ربطاً مع استئناف تصدير النفط، ومن يتحكم بهذه العملية ومواردها، واجتماع قيادات الجيش الليبي شرقاً وغرباً خلال الأسبوع السابق.
لقد أصدرت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5 بياناً ترفض به تماماً العودة إلى الاقتتال المسلح، وطالبت المبعوثة الدولية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز بمحاسبة الجناة، كما شاركت في اجتماعٍ في مدينة اسطنبول التركية مع مسؤولون من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة ومصر، قالت فيه: «طالبنا بالتهدئة، وخصوصاً في غربي ليبيا، حيث تتصارع المجموعات المسلحة على السلطة وتمارس ضغوطاً على الأطراف السياسية».
بيان مشترك لقيادات الجيش الليبي
من جهة أخرى، كانت قد أصدرت قيادات الجيش الليبي شرقاً وغرباً بياناً مشتركاً لأول مرة لهما بعد اجتماعٍ بينهم في العاصمة الليبية طرابلس، اتفقت خلاله على بدء تنفيذ برنامج المصالحة الوطنية وعودة المهجرين، وتشكيل لجنة لمتابعة ملف المحتجزين والمفقودين، وأفاد البيان المشترك بوجود اتفاق لتحديد خطوات «واقعية» من أجل توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، وأشادوا بجهود اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.
بات يظهر أكثر فأكثر وجود تباينٍ بالمواقف والآراء بين قيادات الجيش الليبي، والأطراف السياسية الموجودة في ليبيا وميليشياتها وقواها الأمنية، كما أن تكرار حالات الاشتباكات المسلحة بعد كل تقدم أو اتفاق بين طرفي الجيش شرقاً وغرباً ولجنتهم العسكرية المشتركة يُعد إشارةً على هذا الأمر.
فبينما تسعى اللجنة العسكرية المشتركة إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وربط البلاد بشرقها وغربها وفتح الطرق بين أقاليمها، وتوحيد الجيش الليبي فعلياً، تمضي الأطراف السياسية بمزيدٍ من التشدد والانقسام مهددةً بنسف جهود اللجنة تماماً.
وقد بدأ بعض المحللين برصد تقاطعات بين مطالب الشعب الليبي، والتي عبر عنها حراك الشباب قبل أسبوعين متمثلة بإنهاء الانقسام وطرد جميع القوى الأجنبية، مع سلوك القيادات العسكرية في ليبيا المعبر عنها باللجنة العسكرية المشتركة، ومطالباتها بتوحيد البلاد وتطبيق الاتفاقات الدولية.
إلا أن هذا المسار إن صحّ وجوده يحمل عدة أوجه، منها: مخاطر تطبيق النموذج السوداني في ليبيا عبر تعويم العسكر لتسلمه فترة انتقالية بطريقة انقلابية، أو جعله وسيطاً حقيقياً ليقوم بدوره كجيش ليبي ينهي حالة انفلات السلاح والميليشيات المتفرقة ويدفع جدياً نحو إخراج القوى الأجنبية بما يفرض على الأطراف السياسية الحوار والوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية حقيقية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1080