ليبيا بين طريق الحل وعودة التصعيد؟
ملاذ سعد ملاذ سعد

ليبيا بين طريق الحل وعودة التصعيد؟

يُسبب التباطؤ الجاري بإخراج القوات الأجنبية من ليبيا، واستمرار غياب مؤسسة عسكرية موحدة وممثلة بحقيبة دفاع ضمن الحكومة الحالية، بتهديد مسار الحل السياسي، ووضع العراقيل أمامه، والتي بدأت أولى ملامحها بالبروز في تصريحٍ أخير للمشير خليفة حفتر.

تؤكد الأمم المتحدة، عبر أمينها العام ومبعوثها الخاص إلى ليبيا على ضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب من ليبيا في أسرع وقت، وقد أشار أنطونيو غوتيريش إلى أن المقاتلين الأجانب في ليبيا لا يزالون ينشطون، ويتسببون بانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، داعياً إلى انسحابهم معتبراً أن هذه «عناصر حاسمة بالنسبة لسلام دائم».
وصرّح يان يوكبيش، المبعوث الدولي الخاص إلى ليبيا، بأن وجود المرتزقة يمثل تهديداً أمنياً، قائلاً: «التواجد المستمر لآلاف المرتزقة الأجانب وأعضاء الجماعات المسلحة والاستعانة بهم وأعمالهم تمثل تهديداً أمنيا ليس على ليبيا فقط، بل والمنطقة بأسرها» وتابع بأن «من المهم للغاية التخطيط لسحب المرتزقة الأجانب من المنطقة، وضمان تحقيقه بشكل منظم ومع نزع سلاحهم وإعادة اندماجهم بالمجتمع في أوطانهم».
إلا أن ما يبدو مشكلة هو محاولة الفرقاء الليبيين مع من يقف خلفهم إقليمياً ودولياً، المناورة على موضوعة انسحاب القوات الأجنبية وتوحيد المؤسسة العسكرية بحسابات سياسية تتعلق بالمكاسب وكسب النقاط على حساب البلاد وطريق الحل السياسي بها، وقد أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، تأكيد المجلس للمطالبة بخروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد واتفاقه على هذا الأمر، إلّا أن ما يجري الخلاف حوله هو «آليات» و«كيفية» الخروج هذه، بوصفها «على التوازي أم التوالي»، مما يعني وجود اشتراطات متبادلة بين مختلف الأطراف بصيغة الخروج هذه، وضعف الثقة المتبادلة فيما بينهم، حول من يبدأ أولاً؟ وما ضمانات الآخر ثانياً؟ بحسابات ضيقة، ولتأتي صيغة التوازي لتحمل بين سطورها مبدأ الخطوة مقابل خطوة، وترتبط هذه الإشكالات بشكل أساسي حول مشروعية وجود القوات التركية من عدمها، بسبب الاتفاقيات الأحادية الموقعة مع أنقرة من جانب حكومة الوفاق الوطني السابقة، ورغم عدم إصرار أحد على إبقاء هذه القوات، إلّا أن ما يجري محاولة كسبه والمناورة عليه هو النقاط السياسية بأن تكون القوات التركية هي آخر من يجري إخراجه كـ «منتصر»، إلّا أن هذا الفعل بالمحصلة لا يؤثر ولا يفيد ليبيا نفسها بشيء ما بعد الخروج.
إثر هذه الإشكالات بالجانبين الميداني والسياسي، عادت لغة التصعيد بالظهور على لسان قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، حيث أجرى عرضاً عسكرياً ضخماً لقواته، تلاها في اليوم نفسه التصريح التالي: «لن يكون هناك سلام مع الاحتلال ولا المرتزقة (...) إننا قادرون على خوض الحرب مجدداً إذا تمت عرقلة الاتفاق الدولي والانتخابات، ونقول لأعدائنا: إن عدتم عدنا».
لا نقصد القول بأن هذا التصريح بعينه يمثل أزمةً جديدة، إنما يُعبر عن طبيعة المشكلة الحاصلة، وكيفية تطورها إن لم يجرِ حلها سريعاً، وهو ما تحاول الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية تجاوزها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1020