هل تنجح موسكو في أفغانستان؟
عتاب منصور عتاب منصور

هل تنجح موسكو في أفغانستان؟

بعد خطوات ونشاط دبلوماسي كثيف، استضافت موسكو مفاوضات جديدة لإحلال السلام في أفغانستان في يوم الخميس 18 من شهر آذار الجاري، وتعد هذه المفاوضات هي الأولى بعد لقاءات الدوحة التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن غزت قواتها أفغانستان منذ 2001 وما سببته هذه الحرب من الدمار والويلات.

حضر الاجتماع في موسكو ممثلون عن الحكومة الأفغانية وحركة طالبان والمجلس الأفغاني الأعلى للمصالحة، وممثلون من الصين وباكستان الولايات المتحدة، بالإضافة إلى وفد من دولة قطر.

روسيا تتصدر للملف

كان من الواضح أن روسيا تسعى بشكلٍ حثيث إلى الدخول على خط الحل في أفغانستان، فتشكل بؤرة النزاع هذه جزءاً من مجال روسيا الحيوي، وتعتبر تهديداً حقيقياً للأراضي الروسيا، وهذا ما يفسر رغبة بعض النخب الأمريكية من الإبقاء على القوات الأمريكية هناك، وتعقيد الأوضاع أكثر، عبر تأجيج الصراع بشكلٍ دائم، وخلط الأوراق. فالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان يسعى إلى الانسحاب من أفغانستان، لكنه لم يرغب بالطبع بترك المجال لخصومه، فكان يحاول زرع بذورٍ محلية لنزاعٍ طويل يفعل فعله حتى بعد مغادرة القوات الأمريكية للأراضي الأفغانية، فتصريحات ترامب التي أعقبت توقيع اتفاق الدوحة- الذي لم يكلل بالنجاح– كانت واضحة، فقد قال: «إن الولايات المتحدة كانت تقتل الإرهابيين بالآلاف في أفغانستان» مؤكداً: أن هذه المهمة باتت على عاتق حركة طالبان أو «الدول المحيطة». أي: إن الولايات المتحدة تسعى إلى زرع خلَفٍ لها على الأراضي الأفغانية. ويبدو أن موسكو- والتي لم تعارض اتفاق الدوحة في وقته- استغلت تعثره، وقامت بخطوة جريئة في محاولة لإيجاد حلٍ مختلف على أرضيةٍ متينةٍ ومضمونة.

تصريحات لافروف

أعلن لافروف في هذا السياق، أن موسكو ترى أنه من غير المقبول تأخير المحادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية، وتأمل أن يساعد المؤتمر الذي استضافته العاصمة الروسية في تهيئة الظروف لإحراز تقدم. وقال لافروف، في اجتماع الترويكا الموسعة الذي يضم روسيا والولايات المتحدة والصين وباكستان، والمعني بالتسوية الأفغانية: «نحن مقتنعون بأنه في ظل ظروف تدهور الوضع العسكري– السياسي، من غير المقبول حدوث مزيد من التأخير. الأمر الذي هو مصدر قلق متزايد، لا سيما في ظل اقتراب فترة الربيع والصيف، حيث يزداد تقليدياً النشاط القتالي». وأضاف، «هناك زيادة في الخسائر لدى طرفي النزاع في أفغانستان، والمدنيون ما زالوا يموتون. ومن المقلق بشكل خاص أن الجماعات الإرهابية المتطرفة، وفي مقدمتها داعش تحاول الاستفادة من هذا الوضع لتعزيز مواقعها». وأضاف الوزير: «إن كل هذا يخلق الشروط المسبقة للتوسع في تجارة المخدرات، الأمر الذي يشكل تحدياً خطيراً لأفغانستان والمنطقة والعالم بأسره، ويغذي إلى حدٍّ كبير النشاط الإرهابي». وأضاف لافروف: إن موسكو تدعو واشنطن وممثلي حركة طالبان للبقاء ملتزمين باتفاق السلام الذي وقعته الأطراف في الدوحة في شباط 2020.

هل هناك ما يدعو للتفاؤل؟

يُعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان وما نتج عنه من مآسٍ، إحدى الصفحات السوداء في تاريخ العالم، والدور السلبي الذي لعبته الولايات المتحدة في هذا الملف يجعل منها طرفاً غير موثوق للبحث عن التسوية، نظراً لكونها المسبب الأول للمشكلة! فمن هنا يبدو أن لدى موسكو– وإلى جانب مصلحتها الوطنية في حل هذه الأزمة وتجفيف المستنقع الخطر الناتج عنها– فرصة أكبر لحل هذه المشكلة، لكن هذا لا يعني أن حلاً قريباً سيجري تطبيقه، فالمشاكل كثيرة والطريق ما تزال طويلةً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1010
آخر تعديل على الإثنين, 22 آذار/مارس 2021 00:08