المنظومة العراقية باتجاه والشعب باتجاهٍ آخر..
ملاذ سعد ملاذ سعد

المنظومة العراقية باتجاه والشعب باتجاهٍ آخر..

تجددت يوم الأحد مظاهرات الحراك العراقي بمناسبة مرور عام على «انتفاضة تشرين» مؤكدة خلالها إثبات وجودها ومطالبها، ولتشكل بدورها مؤشراً على استمرار وتفاقم حالة عدم الرضا التي يعيشها العراقيون وسعيهم إلى إنجاز التغييرات المطلوبة.

خلف كل محاولات التجميل الإعلامية التي تقوم بها الحكومة العراقية بعناوين مكافحة الفساد، واستعادة المال المنهوب، وتأمين حقوق الشعب العراقي، إلّا أن الأخير لم ير شيئاً من هذا القبيل، وهو الذي لم يتوقع أساساً شيئاً منها في ظل استمرار المنظومة الحالية بالعمل على ما هي عليه، بعد تغيير العديد من الوجوه منذ الانتفاضة، جرّاء ما فرضته من خضة سياسية على القوى العراقية المنخرطة في منظومة المحاصة.

وكنا قد أشرنا مراراً في مقالات سابقة في قاسيون على حتمية عودة الحراك العراقي ليتصدر المشهد مجدداً، طالما لم يجرِ أي تغيير أو أي دفع حقيقي باتجاه التخلص من منظومة المحاصصة القائمة، لكن لا بد من التأكيد على أن هذه التظاهرات الآن قد لا تحمل بالضرورة سمة الموجة الجديدة بعد، فلا يزال الحديث مبكراً عن ذلك الآن، إلا أنها وبكل تأكيد: تحمل سمة رفض ومعارضة العراقيين لكل ما يجري في الداخل.

حيث تسير الحكومة العراقية بعكس اتجاه التطورات الدولية عبر تعزيز علاقاتها غرباً، مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج ومصر، بمحاولات جلب استثمارات واتفاقات اقتصادية، ضاغطة على الشعب العراقي ومثمرة على جيبة الناهبين، تستعيض بها عن علاقاتها مع جيرانها شرقاً، رغم الأزمة التي تمر بها واشنطن وكل حلفائها التاريخيين بما تنتجه من تراجعٍ بأوزانهم، وحدٍّ من قدرتهم في الحفاظ على علاقات من هذا النوع مع «الحكومات التابعة»، أمام الصعود الصيني والروسي والإيراني بعلاقات التكافؤ والتعاون والتعددية.

ومن جهة أخرى، فإنها تسير بعكس اتجاه التطورات العراقية الداخلية بانسحاب وخروج قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بالتوازي مع استمرارية حركة المقاومة لهذه القوات، بالإضافة إلى مطالب الحراك العراقي القديمة الجديدة، حيث يمضي الفرز باصطفاف الحكومة العراقية مع القوى الغربية بشكلٍ أكثر حدّيةً ووضوحاً، بمقابل تقاطع مصالح القوى الصاعدة دولياً في الشرق مع الشعب العراقي.

على أية حال، وفي نهاية المطاف، فإن سير الحكومة العراقية الحالية بهذا الشكل لا يعني أكثر من أنها تمضي نحو زوالها، وزوال منظومة المحاصصة المبنية على موازين القوى السابقة، فخلف الدعاية والترويج الإعلامي بـ«حل المشاكل» تجري ضمنها مركزة مالية وسياسية أعلى، وضعفٌ أكبر على طول الخط... إن محاولات المضي بعكس حركة التاريخ لن تفضي إلّا إلى انحسار وموت رعاتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
989