ليبيا... ملامح محاولة روسية جديدة
ملاذ سعد ملاذ سعد

ليبيا... ملامح محاولة روسية جديدة

بعد وصول حدّة الأزمة الليبية إلى ذروة جديدة- مؤخراً- تهدد بصدام مصري- تركي، بدأ التصعيد يخبو في مقابل تسارع عودة النشاط السياسي باتجاه حل الملف عبر الحوار والتسوية بين الأطراف المتنازعة.

بعد أن أعلن الرئيس المصري خلال الأسبوع الماضي بأن مدينة «سرت» تعتبر خطاً أحمر بالنسبة للقاهرة، أعربت وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبي عن عزمها على مواصلة التقدم نحو مدينة سرت رغم هذا التحذير، حيث قال وكيل وزارة الدفاع صلاح الدين النمروش في 24 من الشهر الجاري بأنه «ليست هناك أية خطوط حمراء أمام تقدم قواتنا نحو سرت» ليكون هذا التصريح هو ذروة التصعيد العسكري والسياسي قبل المضي بالاتجاه الآخر.
ففي اليوم التالي، نقلت وكالة أنباء «نوفا» نقلاً عن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو تصريحاً له بعد عودته من زيارة إلى طرابلس في ليبيا، بتعبيره عن القلق «من أن عمليات تحرير سرت ستؤدي إلى مزيد من الاقتتال» داعياً إلى «ضرورة تجميد الصراع الذي سيؤدي إلى انقسام لا تقبل به إيطاليا»
وبنفس اليوم قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، بأن حكومة الوفاق الليبية تشترط «انسحاب قوات حفتر من سرت والجفرة» قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بتغيير ملحوظ عن اللهجة السابقة المؤكدة على نية وعزم جيش الوفاق على الدخول إلى المدينة.
ثم طالبت كل من برلين وباريس وروما- عبر بيان مشترك- جميع الأطراف الليبية على وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في ليبيا، وجاء في بيانهم «نشجع على اختتام سريع للمفاوضات بين المعسكرين الليبيين تحت رعاية الأمم المتحدة بالتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق نار دائمة... ذلك يعد عنصراً أساسياً في تهيئة الظروف اللازمة لاستئناف الحوار السياسي الليبي بشكل فعال مما سيسمح بحل دائم للنزاع»
وقال مفوض مجلس السلم والأمن للاتحاد الافريقي، بأن الجميع يدرك أن الصراع الليبي لن ينتهي بحل عسكري، مشدداً على أن «الأولوية حالياً هي التأكيد على إيقاف القتال والتدخلات الخارجية، وإقناع كل الأطراف في ليبيا بالعودة إلى العملية السياسية»
جاء في بيان وزارة الخارجية الليبية عن اجتماع المبعوث الرئاسي الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط ودول إفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، مع السفير التركي لدى روسيا، محمد صاصمار حول الوضع الليبي، بأن التركيز هو «على ضرورة الوقف السريع لتصاعد العنف، وعدم وجود بديل للحل السياسي للأزمة الليبية وفقاً لقرارات مؤتمر برلين الدولي وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2510».
وصولاً إلى يوم السبت الـ 27 من هذا الشهر، حيث قالت حكومة الوفاق الوطني الليبي نفسها في بيان نشرته بعد لقاء جمع فيما بين رئيسها فايز السراج ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي، بأن الجانبين أكدا خلال اللقاء، بأن حل الأزمة الليبية لا يمكن أن يكون عسكرياً، وأن على الجميع العمل من خلال مسار سياسي يحقق الاستقرار وفقاً لقرار مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر برلين.
في حين أكد نائب رئيس مجلس النواب الليبي أحميدة حومة، أن المجلس تلقى دعوة من روسيا لترتيب زيارة لوفد برلماني برئاسة رئيس المجلس عقيلة صالح إلى موسكو خلال الأيام المقبلة، بغاية الدفع إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.
روسيا تحاول من جديد
على الرغم من أن المحاولة الروسية الأبرز في ملف الأزمة الليبية والتي كانت عبر دعوة الأطراف المتنازعة إلى ما عرف باسم لقاء موسكو، لم تحقق الأهداف المرجوة منها، إلا أن موسكو تسعى بشكلٍ نشط للإمساك بملف الحل من جديد، ولأن روسيا تدرك أن عدم نجاح لقاء موسكو الماضي كان بسبب التعنت الواضح من جانب المشير خليفة حفتر، والذي رفض التوقيع على مخرجات هذا اللقاء، تحاول اليوم جمع الأطراف التي تظهر استعداداً للعمل الفاعل باتجاه الحل، بغض النظر عن الخلافات فيما بينها، وإن كان النجاح العسكري الذي يحققه السراج لم يمنعه بعد من القبول بالحل السلمي فهذا يعني: أن الوقت لا زال يسمح بتحقيق اختراق ما، وإن كان محفوفاً بالمخاطر ،إلا أنه إمكانية واقعية، والاتصالات المكثفة التي تجريها موسكو لا مع الأطراف الليبية فحسب، بل مع تركيا ومصر والدول الأوروبية، يعطيها إمكانية للعب هذا الدور، ولدفع الأمور لمحاولة جديدة بشروطٍ أفضل مع أطرافٍ أقل تعنتاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
972