المصالحة الوطنية الفلسطينية في الميزان الروسي
لم يتوقف النشاط الدبلوماسي الروسي على خط القضية الفلسطينية، فبعد الإعلان عن وجهة النظر الأمريكية للـ«الحل»، بدأت موسكو تشهد نشاطاً متزايداً حول الموضوع ليجري الإعلان مؤخراً عن إمكانية عقد مؤتمر عام للمصالحة الفلسطينية، وتسعى موسكو بشكل واضح إلى دعم توحيد صف الفصائل الفلسطينية مما يشكل دعماً أساساً في وجه المشروع الأمريكي.
بعد انتظار روسيا طرح الولايات المتحدة «صفقة القرن» بشكل رسمي، أعلنت بدورها وبشكل واضح عن موقفها من هذه «الصفقة»ـ
الموقف الواضح
«إن خطة السلام الأمريكية لا يمكن أن تصبح أساساً لحل القضية الفلسطينية، لأنها لا تأخذ في الاعتبار العناصر الأساسية للقاعدة القانونية الدولية المعترف بها التي يجب أن تعتمد عليها عملية السلام بالشرق الأوسط، والمتجسدة في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية». وإنَّ «التوصل إلى تسوية عادلة ونهائية للصراع العربي «الإسرائيلي» يتطلب جهوداً جماعية ومنسقة يبذلها المجتمع الدولي»، وجدَّدت موقف موسكو القائم على أنَّ التسوية في الشرق الأوسط لا يمكن أن تتحقق إلّا عبر المفاوضات الفلسطينية «الإسرائيلية» المباشرة تحت إشراف الأمم المتحدة.
هكذا عبرت الخارجية الروسية عن موقفها من صفقة القرن وعن موقفها من الصراع العربي «الإسرائيلي»، وإن كان الموقف الأمريكي وكلُّ مبادرته تهدف إلى نشر الفوضى بالمنطقة من خلال دور الكيان الصهيوني فإن الموقف الروسي ينطلق من ضرورة نزع فتيل اللُّغم الذي تضعة أمريكا من خلال مبادرات ليس لها لا أساس قانوني ولا قبول شعبي، فهي تدفع بالمنطقة إلى جولة صراع لن تخدم القضية الفلسطينية، لأنه في إيِّ صراع يكون فيه ميزان القوى الفلسطيني مشتت كما هو الحال الآن لن يقدم للقضية الفلسطينية إي مردود إيجابي، لذلك ما يتوجب فعلهُ اليوم هو محاولة إيجاد أكبر قدر من القواسم المشتركة بين الفصائل الفلسطنية بهدف توحيد جهودها، وفي هذا السياق تسعى روسيا من خلال جملة مشاورات مع كلِّ الفصائل الفلسطينية إلى تحقيق مصالحة وطنية فلسطينية من خلال مؤتمر للحوار الشامل.
المؤتمر المنتظر
في تصريحات لماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، قالت إنّ: «موسكو تخطط لتنظيم مؤتمر عام للمصالحة الوطنية الفلسطينية». وأوضحت زاخاروفا تفاصيل حول نشاط روسيا في ملف المصالحة الفلسطينية فأعلنت أنه «منذ نهاية شهر شباط من العام الجاري، وقيادة وزارة الخارجية الروسية تجري اتصالات مكثفة مع ممثلي مختلف الحركات الفلسطينية، وفي 27 شباط كانت هناك مشاورات مفصلة مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، وفي 2 آذار جرت مشاورات مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وفي 5 آذار مع رئيس حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، وفي 11 آذار مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة».
إين يتقاطع الموقف الروسي مع المصلحة العربية؟
قد يذهب البعض للقول بأن روسيا تريد أن تلعب بديل الدور الأمريكي مع انحسار الوزن الأمريكي في الملفَّات الدولية، وعلى الرغم من أن هذا الطرح يحمل جزءاً من الحقيقة إلا أنه يضع الأمريكيين والروس على كفتي الميزان نفسه، وهذا تجنٍّ واضح على الموقف الروسي، حيث كانت أمريكا تضع المصالح الصهيونية على قائمة أولاويتها وحتى الانقسام الفلسطيني بأحد أوجهه هو نتيجة لعدم تحقيق وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، فالكيان والأمريكيون أنشأوا سلطة أوسلو وهم من دفنوها بصفقة القرن، أما الموقف الروسي فيضع مصلحة تحقيق الاستقرار وتطبيق القوانيين الدولية، وهنا تتقاطع مصالحنا العربية مع الموقف الروسي، فهو أول الطريق نحو توحيد الجهود الفلسطينة في مواجهة الكيان. وإن كانت أغلب الشعوب العربية ترفض وجود «إسرائيل» من حيث المبدأ، فإنها لا ترفض إي جهد في سبيل توحيد الجهود في مواجهة الكيان الصهيوني.
تصريحات زخاروفا التي جئنا على ذكرها في البداية كانت واضحة، فموسكو ترى إن «عدم تسوية القضية الفلسطينية يشكِّل أحد عوامل الاضطراب الرئيسة في الشرق الأوسط»، ويحمل هذا التصريح في باطنه رغبةً ومصلحة روسية واضحة في نزع «الألغام» التي تخلفها القوات الأمريكية المنسحبة، وهذا بالضبط ما تحتاجه المنطقة
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 957