واشنطن تعلن بدء موجة ثانية ضد فنزويلا؟
صرّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في أواخر السنة الماضية بأن واشنطن قد فشلت في إعادة تشكيل دول أمريكا اللاتينية وفق مصالحها قائلاً: «حدث ما لم تكن الولايات المتحدة تتوقعه، حيث بدأت مخططاتها تنزلق، وتبين أن المنطقة أكثر تعقيداً وتنوعاً مما كانت تعتقده واشنطن، فمثلا رغم العقوبات القاسية واتباع طرق الثورات الملونة فشلت واشنطن في تنفيذ الحرب الخاطفة في كل من فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا».
فشل المحاولة السابقة
جاء هذا التصريح بعد محاولات عديدة قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وتنصيب غوايدو مكانه، مشكلاً مع انتهاء السنة إعلان انتصار فنزويلا بمساعدة روسيا على المستوى الدولي ضمن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أو بالتعاون والمساعدة المباشرة بين البلدين. ليهدأ الملف الفنزويلي قليلاً قبل أن تعاود واشنطن خطواتها، فبعد شهر من تصريح لافروف، تحدث وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في مقابلة تلفزيونية: «يجب أن يؤدي المشروع الذي نعمل عليه إلى استقالة الرئيس نيكولاس مادورو، ويمكّن شعب فنزويلا من إجراء انتخابات حرة ونزيهة.» معلناً بشكل وقح علناً عن تدخل واشنطن في شؤون دول أمريكا اللاتينية، وفق ما سماه بـ «المشروع». وقد ردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية على هذا التصريح في أواخر الشهر الماضي: «هذا هو، أيها الرفاق، القانون الدولي على طريقة واشنطن. لقد سمعنا اعترافاً واضحاً ومباشراً من قبل وزير الخارجية الأمريكي، عن حملات بلاده لزعزعة استقرار الوضع في دول ذات سيادة». واحتفل الرئيس الفنزويلي مادورو خلال مسيرة في العاصمة كاراكاس وفق ما سماه «فشل المغامرة الانقلابية».
إنكار الوقائع ومحاولة جديدة
مع بدايات الشهر الجاري، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي قد عقد محادثات مع زعيم المعارضة الفنزويلية غوايدو في واشنطن، وجاء في بيان صدر عن البيت الأبيض بأن الزيارة تمثل «فرصة للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بمصالح شعب فنزويلا» وجرت «مناقشة سبل العمل مع الرئيس غوايدو لتسريع عملية الانتقال الديمقراطي التي ستضع حداً للأزمة». وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية بأن بومبيو وغوايدو قد اتفقا على «مضاعفة الجهود» لتنحية الرئيس مادورو. وجاء في بيان للوزارة بأن «تشاوراً حول السبل التي تمكن الجهات الفاعلة الديمقراطية والشركاء الدوليين من فتح الطريق معاً أمام تشكيل حكومة انتقالية» وبذلك أعلنت واشنطن بدء موجة جديدة ضد فنزويلا بعد فشلها في السنة الماضية.
الديكتاتورية الأمريكية
أعلنت روسيا موقفها من جديد بالتصدي لهذه الموجة، وأكد لافروف على أن الأزمة في فنزويلا ينبغي حلها من خلال الحوار الداخلي دون شروط مسبقة «نسمع تصريحات من واشنطن بأنه لا خيار هناك سوى تغيير الرئيس الفنزويلي الحالي، والتهديد علناً بكل الخيارات، فضلاً عن تنظيم الاستفزازات بانتظام .. هذا ليس نهجناً، وليس نهج شركائنا» وختم قائلا: «إذا كانت نتيجة الحوار محددة مسبقاً، فهذه ليست وساطة، بل ديكتاتورية». ولعل الكلمة الأخيرة من التصريح السابق تبيّن حجم الوقاحة الأمريكية التي باتت سمة بسبب تراكم الهزائم والتراجع.
إن الإصرار الأمريكي على محاولة «تأمين حديقتها الخلفية» يأتي نتيجة تراجعها المستمر، والذي يدفعها للاستعاضة عن خسائرها دولياً من أقرب جيرانها، خاصة مع صعود التهديدات المحلية في أمريكا اللاتينية والمعادية لهيمنة واشنطن كما عبرت عنها الحراكات الشعبية نفسها، إلا أن ما تحب الإشارة إليه هنا، هو أنّ التوازن الدولي الجديد وفيه روسيا تحديداً باتت تفرض وزنها و«انتصاراتها» ليس على تخوم حدودها فقط، بل وعبر القارات وصولاً إلى أمريكا نفسها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 952