اليابان بين الدور القديم والدور الجديد
خرجت اليابان مدمرة ومهزومة بعد الحرب العالمية الثانية، وعانت من الآثار الوحشية لكارثة هيروشيما وناغازاكي. وكان الثمن السياسي الذي دفعته اليابان بعد الحرب، هو فرض تحالف الحرب الباردة في صف الولايات المتحدة، ورغم تحول اليابان إلى مركز إمبريالي، لكنه بقي يدور ضمن الفلك الأمريكي في التحالف الذي كرس هيمنة الأخيرة على المنطقة، وعلى اليابان نفسها في فترة صعود الولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن العشرين.
كيف يريد الأمريكيون لليابان أن تكون؟
حافظ الأمريكيون على وضع اليابان التابعة حتى منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهم من بدء بتغيير ذلك الوضع بإتجاه معين بعد تصاعد الصراع مع روسيا.
سمحوا لليابان بزيادة القدرة العسكرية معتقدين أن اليابان ستدخل إلى الحرب التي كان يخطط لها الأمريكيون في الشرق الأقصى، مثل: توجيه الضغط الياباني نحو كوريا الشمالية للتماهي مع الهجمة الفاشلة للأمريكان، وأيضاً المحاولة الأمريكية الفاشلة لاستخدام قضية جزر الكوريل لإشعال فتيل أزمة يابانية– روسية وغيرها من الملفات. ولكن يشبه الوضع الياباني هنا الوضع الألماني، حيث حاول الأمريكيون دفع الأخيرتين للصراع ضد روسيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الناس في هذه البلدان يعارضون فكرة الحرب كلياً.
مندوب مبيعات الكساد
في زيارة دونالد ترامب الأخيرة لليابان، ظهر الرئيس الأمريكي بمظهر مندوب مبيعات يروج لبضائع تعاني الكساد في المستودعات. الزيارة التي تشبه زياراته المتتالية إلى الخليج والبلدان الأخرى من أجل بيع بضاعة انخفضت شعبيتها عند حلفائه.
بدأ ترامب يسرد مواصفات الأسلحة الأمريكية لليابانيين بإسلوب العلاقات العامة، واختتم خطابه إلى اليابانيين: هيا اشتروا أسلحتنا. ولكن دون أن يبدو على اليابانيين إشارات سلبية أو إيجابية للموضوع. وكأنهم قالوا: الأمر لا يعنينا بتاتاً.
تغيير مزاج الناس في أوكيناوا
تتصاعد الحركة الشعبية المعارضة للوجود الأمريكي في جزيرة أوكيناوا، تلك الجزيرة التي عانت الكثير من ممارسات جنود وضباط القواعد الأمريكية بحق سكانها.
وبينما كانت الأحزاب اليابانية الكبرى تتغافل عن هذه الحركة، كان حزب واحد فقط يطالب برحيل القوات الأمريكية عن الجزيرة. وعاد الحزب الشيوعي الياباني إلى الواجهة بسبب ذلك، وهو ما أدى إلى التقائهِ مع الحركة الشعبية المعارضة للوجود الأمريكي، وتغيير مزاج سكان الجزيرة باتجاه الحزب الشيوعي الذي كبرت قاعدته الجماهيرية واستطاع الوصول إلى البرلمان عن دائرة أوكيناوا عام 2014، وبلغ حجم مبيعات جريدته «العلم الأحمر» إلى 120 ألف نسخة يومياً غالبيتها في أوكيناوا.
العلاقات الروسية اليابانية
عمل الروس باتجاه نزع فتيل الأزمات في الشرق الأقصى، أبرزها ظهور الحل السياسي الكوري، وفشل الخطوة الأمريكية في إشعال حرب ضد كوريا الشمالية.
الخطوة الأكثر أهمية بالنسبة إلى اليابان، إضافة إلى تحسن العلاقات الاقتصادية الروسية– اليابانية، هي حل قضية جزر الكوريل بين الطرفين، القضية التي أبقاها الأمريكيون عالقة منذ 1945. واستطاع الروس واليابانيون حلها بين بعضهم في ظل غياب أمريكي عن الحل. وهو الأمر الذي يُعيد إلى الواجهة مرة أخرى وبعد زمن طويل قضية وحدة العلاقات بين بلدان الشرق الأقصى، وذلك بعد نزع الأشواك الأمريكية واحدة بعد الأخرى، وهذا يعني تحسن العلاقات بين الكوريتين والصين وروسيا واليابان ورحيل الأمريكيين عن المنطق
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 918