العقوبات الغربية تستهدف الاقتصاد الغربي؟

العقوبات الغربية تستهدف الاقتصاد الغربي؟

حزمة عقوبات غربية وأمريكية جديدة على روسيا بذريعة أزمة مضيق كيرش التي حدثت أواخر العام الماضي، لكن سببها يندرج ضمن إطار تنظيم تراجع واشنطن والغرب عموماً.

أُعلن يوم الجمعة الماضي عن سلسلة عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا طالت شخصيات وشركات روسية جديدة من قبل كلٍّ من: الولايات المتحدة الأمريكية «6 شخصيات، و8 شركات»، كندا «114 شخصية، و 15 شركة»، الاتحاد الأوروبي «8 شخصيات». على خلفية أزمة مضيق كيرش واحتجاز روسيا للسفن الأوكرانية وطواقمها آنذاك بحسب زعمهم.

الأثر الإيجابي

تأتي هذه العقوبات الجديدة في إطار مساعي الغرب القديمة لتضييق الحصار على القوى الشرقية الصاعدة عموماً ومحاولات الضغط والابتزاز لها، إلا أنها وعلى طول الخط لم تفعل لروسيا سوى كونها مُحرّضاً إيجابياً يدفع مستثمريها واقتصادها داخلياً للأمام، لتنتصر بحرب العقوبات هذه، حيث خرج القطاع الزراعي الروسي مثلاً من حالة الركود التي كان فيها وانتعش بفضل هذه العقوبات، وقالت جودي تويغ، أستاذة العلوم السياسية في جامعة فرجينيا الأمريكية، عبر مقالتها في مجلة National Interest: «وفرت العقوبات لروسيا إمكانية بعث صناعة المواد الغذائية التي كانت مشلولة وفجأة انتبه لهذا التطور العديد من المستثمرين، الذين لم يبدوا أي اهتمام من قبل بالزراعة الروسية».

عرقلة مستثمري الغرب

على الصعيد الآخر، فإن كل جملة عقوبات تصدر اليوم على دول ضمن مجموعة «البريكس» وحلفائهم، كالإيرانيين مثلاً، تُفضي بالمحصلة بأثر سلبيّ على الشركات ورجال الأعمال الغربيين المرتبطين مع تلك الدول باستثماراتهم بمختلف القطاعات: صناعية وزراعية ومصرفية. أيّ: تعرقل أنشطتهم هناك من تجميد وانسحاب. لتملأ كل فراغ يخلّفونهُ مكاناً شركات صينية وروسية وإيرانية، بالتوازي مع آليات التبادل الاقتصادي فيما بين «البريكس» البعيدة عن هيمنة الدولار وعقوباته... ليظهر السؤال: إذا كانت العقوبات الغربية دوماً تقوّي الاقتصاد شرقاً، وتعزله أكثر عن هيمنة الدولار، إذاً لم يطلقونها؟

«بالون» الدولار

للإجابة عن السؤال السابق لا بد من العودة والإشارة إلى نقاط ثلاث: 1- أزمة الدولار. 2- التراجع الأمريكي. 3- التوازن الدولي الجديد. حيث ترسم هذه النقاط مجمل السياسات الغربية، وعلى رأسها واشنطن بوصفها المركز الرئيس... فتوجه «ترامب» وتياره بخطة الانكفاء نحو الداخل، عبر تعزيز الاقتصاد الحقيقي داخل أمريكا عوضاً عن ريع الدولار في الخارج، استعداداً لانفجار أزمة الدولار المرتقبة بما تحمله من تأثيرات، يدفع باقي دول الغرب للمسير بهذه الخطا أيضاً، وفقاً للضرورة لا الرضا. ولتنفيذ هذه المهمة لا بدّ من عودة رجال الأعمال والشركات الغربية المنتشرة حول العالم إلى الداخل، أو إذا لزم الأمر للحدّ الأقصى: شلّ نشاطها المرتبط بالدولار لتصغير فقاعته... حيث تستهدف هذه العقوبات الاقتصادية الغربية، الاقتصاد الغربي نفسه بجانبه «البالوني» لتنفيسه وتقليص حجم انفجاره لاحقاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
905
آخر تعديل على الإثنين, 18 آذار/مارس 2019 11:09