معركة التونسيين مع النموذج الاقتصادي
دعا اتحاد الشغل التونسي، إلى الإضراب يوم الخميس 17-1-2019. وأتى هذا بعد أن فشلت المفاوضات مع الحكومة على رفع أجور 670 ألف موظف حكومي. الإضراب المعلن ليوم واحد، هو الثاني خلال شهرين إذ سبقه إضراب بتاريخ 22-11-2018، تم تقديم برقية بعده بالمطالب لم تلبّها الحكومة، ما دفع للإضراب الثاني.
شمل الإضراب الأخير مؤسسات هامة: المطارات، والمدارس، والوزارات، والشركات العامة الناشطة في خدمات النقل البري والبحري والمستشفيات، ووسائل الإعلام الرسمية وغيرها.
تقول حكومة الشاهد، بأنها لا تستطيع رفع الأجور بشكل غير متناسب مع قدرة الدولة على تحمل هذا الرفع. وتأتي تقديرات الحكومة هذه في ظل الضغط الدولي، للمقرضين الدوليين، وتحديداً صندوق النقد الدولي الذي يريد من الحكومة التونسية تجميد الأجور كجزء من إصلاحات القطاع العام للحد من عجز الميزانية. إذ قال الأمين العام المساعد باتحاد الشغل سامي الطاهري، إن الحكومة «خضعت لإملاءات صندوق النقد واختارت الحل الصعب وهو مواجهة الشغالين».
الحكومة تريد خفض نسبة الأجور في القطاع العام إلى 12,5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، بينما النسبة الحالية تقارب 15,5%. حيث إن كتلة الأجور في القطاع العام التونسي وصلت إلى حدود 5,5 مليار دولار، بينما كانت 7,6 مليار دولار في عام 2010، بانخفاض يقارب: 27%.
وبعد إضراب يوم الخميس، فإن اتحاد الشغل التونسي، قد أعلن عن دعوته لإضراب في الشهر القادم، لمدة يومين آخرين، في 20- 21 شباط، لاستمرار عملية الضغط. حيث يؤكد اتحاد الشغل أن متوسط الأجر الشهري التونسي البالغ حوالي: 250 دولاراً، يُعدّ واحداً من أدنى الأجور في العالم، ويطالب الحكومة بزيادة تصل إلى 850 مليون دولار على كتلة أجور القطاع العام، نظراً للتدهور غير المسبوق في القدرة الشرائية في تونس.
لم تقف المعركة المطلبية بين حكومات ما بعد الثورة في تونس، وبين اتحاد الشغل التونسي... لأنّ معركة التونسيين مع النموذج الاقتصادي المستمر عملياً في الحكم، والخاضع لإملاءات صندوق النقد الدولي، ودون أن تتحول هذه الضغوطات والتنظيم العمالي إلى قوة سياسية قادرة على استلام زمام القرار، فإن مفاعيل وتجليات الثورة الشعبية في تونس لن تنتهي.