السودان «زيّ الدنيا»
تستمر التظاهرات السودانية التي انطلقت منذ 19 كانون الأول 2018، على إثر ارتفاع سعر الخبز، بالانتشار في جميع أنحاء البلاد، مُطالبة بالتغيير وتنحّي البشير عن السلطة.
هي الموجة الأولى العفوية ذاتها، التي حدثت في عدد من البلدان الأخرى، حيث يخرج الشعب مستاءً من أوضاعه المعيشية المتراكمة والمتدهورة، ليعبر عن غضبه. في حركة غضّة ومشروعة والأهم: طبيعية، تطالب بالتغيير والتجديد. في المقابل تستغل الحكومة السودانية عفوية الحركة، بإعطائها صفة المؤامرة والتخريب، داعيةً لمسيرات وتجمعات تعبر عن تأييدها للبشير وحكومته، ليصبح الشعب السوداني أيضاً كغيره في الأزمات التي شاهدناها، عالقاً كوقود يُحرق لمصلحة الحكومة، فواقع السودان ليس مختلف جداً، من جهة الفساد الحكومي، ونسبة توزيع الثروة وغيرها.
بالإضافة إلى ما سبق جرى تشكيل عددٍ من التجمعات والقيادات، كمثل «تجمع المهنيين السودانيين»، لينظم مظاهرات ويدعو لاحتجاجات ويطلق بيانات ومطالب، كما أعلنت كل من «الجبهة الوطنية للتغيير» و«حزب الأمة» تقديم مذكرة للرئيس عمر البشير بداية الشهر الحالي، مطالبين فيها بتشكيل «مجلس سيادي انتقالي» و«حل حكومات الولايات الـ18»، وقائمة بجملة من الإجراءات والتغييرات، تعني القوانين والسلطة والدستور، بالإضافة إلى بند يمس الواقع الاقتصادي والاجتماعي.
في النهاية مشكلة الشعب السوداني مع حكومته مرتبطة بطبيعة الحال مع مجمل المشاكل الحاصلة في العالم بأزمته الرأسمالية وبالتالي حركته أيضاً ضمن علاقة التأثير والتأثر، وضرورة التغيير تفرض نفسها هناك كما في كل مكان آخر، منتظرة حاملها الذي سيولد عاجلاً أم آجلاَ ضمن فضاء سياسي جديد يعبر عن مصالح الشعب السوداني الحقيقية والمشروعة.