التوازن الجديد يُلقّم... نحو تفكيك الأداة «الإسرائيلية»
إن كُل ما كان يمثله التوازن الدولي القديم بشُرطيه الأمريكي من علاقات ونفوذ وأدوات في العالم وفي بلادنا أصبح من الماضي، وإحدى هذه الأدوات التي باتت تهترئ هي كيان العدو الصهيوني، بوصفه بؤرة توتر إقليمية متعجرفة عاثت إجراماً وفساداً طيلة العقود الماضية برعاية غربية وتواطئ إقليمي وعربي، على حساب شعوب المنطقة وأولهم الفلسطينيون بالطبع.
فالتوازن الجديد الآتٍ بحامليه الأساسيين روسيا والصين، والعالم متعدد الأقطاب، يسير على خُطى مُعاكسة تماماً لمشاريع الغرب ومصالحه، يبدأ بإخماد بؤر التوتر وفرض منطق الحلول السياسية وعمليات السلام في مختلف المناطق والملفات، ويُعد هذا الكيان من أخطر هذه البؤر، ولا مبالغة إن قلنا بأنه أولوية ضمن الإستراتيجية الروسية- الصينية نحو حلّه نهائياً في المنطقة، بَيْد أن هذا الأمر لن يجري– كما يتوضح حتى الآن- على نهج التوازن الآنف بالقوة والحرب، بل عبر تكتيكات سياسية واقتصادية وعسكرية تُفضي بنهاية الأمر إلى إرغام جميع الأطراف على التنفيذ والالتزام بالقرارات الدولية الصادرة في مجلس الأمن والأمم المتحدة بما يتناسب مع آلية إطفاء الأزمات وحلّها.
تعطيل أداة التعطيل
فكما علمنا مؤخراً على إثر إسقاط كيان العدو للطائرة الروسية «إليوشن-20» سلّمت روسيا لسورية منظومة «س- 300» للدفاع الجوي، مما رفع من إمكانية الردع السورية لأي عدوان خارجي كان، وبما يتوازن مع قوى الجو «الإسرائيلية»، وبمعنى آخر: ردعٌ لكيان العدو عن سلوكياته الغاصبة اتجاه أراضينا، الأمر الذي لم يحلُ له ولحلفائه وحاولوا إظهار التصرف الروسي بأنه تصعيد لما له من عرقلة وتعطيل لأداة العرقلة والتعطيل «الإسرائيلية» ذاتها عن التدخل التعسفي والتوتير وخلط الأوراق، خاصة فيما يخص مسألة إدلب مؤخراً بعد اجتماع الترويكا والاتفاق الروسي- التركي نحو تحريرها من أدوات الإرهاب، حيث حال هذا التحديث في الدفاعات الجوية على تعطيل ولجم توجيه ضربة هناك أكانت من «الإسرائيلي» أم الأمريكي وجعل الحسابات «الإسرائيلية» تنقلب تكتيكياً وإستراتيجياً...
تصعيد لخفض التصعيد
نعم هو تصعيد، ولكن نكرر: ليس على نهج التوازن القديم، بل على العكس، فهذه الخطوة فرضت معادلةً جديدةً كلياً، تدفع المنطقة إلى المزيد من التهدئة لا الحرب وافتعال الذرائع والاستفزازات هنا وهناك، وكما قال ألكسندر زاسببيكن سفير روسيا في لبنان: إن هذه الخطوة هي لـ «تثبيت الاستقرار وليس حجة لزيادة التعقيدات» وأن «موسكو مستمرة في سياسة عدم التصادم بين روسيا وإسرائيل في سورية» وأكد زاسبيكن أن «القرار بالرد على أي اعتداء هو بيد سورية».
الفرصة هناك،
والقبضة على استعداد
هذا موقف روسيا وهذه إستراتيجية حاملي التوازن الجديد، في إطاره العام، أما بالنسبة لسورية والسوريين في إطارهم الخاص فلا سلام مع العدو، أحرباً كانت أم بالطرق السلمية، فور امتلاك الفرصة– وهو ما سوف يكون قريباً- على السوريون والفلسطينيين وكل من له تهديد من هذا الكيان بالإجهاز عليه بينما هو يضعف يوماً بعد آخر، باستعادة حقوقنا المشروعة وأراضينا المحتلة كاملةً سورياً وفلسطينياً، الأمر الذي يلقى دعماً ضمن هذا التوازن الجديد الناشئ وعبر القرارات الدولية المعنية بهذا الأمر، وصولاً إلى السلم الإقليمي الحقيقي بغياب هذا الكيان نهائياً.