«ترامب برازيلي»؟
تمضي البرازيل نحو اختيار رئيس جديد للبلاد، إذ جرت الجولة الأولى من الانتخابات يوم 7 تشرين الأول الجاري، الأمر الجديد والإشكالي في الانتخابات الحالية هو بروز المرشح «اليميني»، جايير بولسونارو، وحصوله على 46% من الأصوات مقابل 29% حصل عليها منافسه فرناندو حداد مرشح حزب «العمال».
بوليسارنو، الذي أصبح الكثيرون يطلقون عليه اسم «ترامب البرازيلي» بسبب مواقفه وتصريحاته المثيرة للجدل، هو مرشح للفوز في الجولة الثانية المقررة في 28 من الشهر الحالي، والوصول إلى رئاسة البلاد، الذي تقول التقارير الإعلامية بازدياد شعبيته وعدد مؤيديه لدى الكثير من الشرائح الاجتماعية، رغم المظاهرات الحاشدة التي خرجت ضده مؤخراً، ليصبح موضوع بروز وجه اليمين الشعبوي في البلد اللاتيني مصدراً للجدل.
استهداف الطبقة العاملة
يشيد بوليسارنو بالحكم العسكري، ويطلق تصريحات تهاجم الأقليات والفقراء، كما يعد بتقليص حجم الحكومة وخفض الضرائب وخصخصة شركات حكومية في البلاد. وقد خرجت مظاهرات حاشدة ضده رأت في برنامجه خطراً على مكتسبات الطبقة العاملة التي حققتها خلال الأعوام الماضية، لكن ما يثير التساؤل هنا هو: الأسباب التي تدفع بوليسارنو إلى التقدم.
حسب الكثير من المحللين فإن بوليسارنو ما هو إلّا واجهة لممثلي النظام الرأسمالي في البلاد الذين يدفعون به إلى الواجهة في محاولة للإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة، والحفاظ على مصالح أصحاب رؤوس الأموال، مستغلين ما تعانيه البلاد من مشكلات اقتصادية اجتماعية من خلال العزف على وتر القومية. كمان أن برنامجه الليبرالي يجعل منه شخصاً مدعوماً من قبل الغرب والمؤسسات الدولية.
ومن جهة أخرى، إن الكثير من التحليلات ترى أن حزب «العمال» البرازيلي يعانى من تراجع وضعف في تمثيل قاعدته العمالية التاريخية، لذلك فإن الإفلاس السياسي لتمثيل البروليتاريا أدى إلى ما وصفه المحللون بـ«الموجة المحافظة» أو «الموجة اليمينية».
صعود الحركات «القومية»
إن تشبيه بوليسارنو بترامب، هو تشبيه غير دقيق، فبينما يدافع ترامب عن التدابير الحمائية وخلق الوظائف داخل الولايات المتحدة، يسعى بولسونارو إلى سياسة اقتصادية خاضعة للسوق الدولية، لكن ما يمكن تعميمه في الحاليتين ربطاً مع نمو الحركات «القومية» في أوروبا، هو تعمق الأزمة الرأسمالية العالمية، والضيق الشعبي من النخب التقليدية، التي فشلت في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، لذلك هي تبحث اليوم عن بدائل أياً كان شكلها.
كانت البرازيل ولا تزال هدفاً للغرب ومؤسساته الدولية، استطاعت الحملة المدعومة أمريكياً عزل ديلما روسيف عام 2015، ولم يستطع خلفها ميشيل تامر حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، لذلك وإن كان الشعب البرازيلي يبحث اليوم عن بديل، فإن توجهات بوليسارنو ستعمق من تلك المشكلات، لذلك فإن برنامجه الاقتصادي الاجتماعي لن يكون لديه قاعدة جماهيرية قادرة على حمايته، لذلك فإن الطبقة العاملة عاجلاً أم آجلاً تستطيع تنظيم نفسها مجدداً، والبحث عن ممثلها الحقيقي في سبيل الحفاظ والدفاع عن حقوقها.