إعاقة الحل الليبي
كلما اقترب الحل الليبي، تُخلق الذرائع لإدامة الاشتباك وإطالة عمر الأزمة، وآخرها كانت الاشتباكات التي جرت في طرابلس بين مجموعات مسلحة متنافسة أبرزها «اللواء السابع» وكتيبة «ثوار طرابلس» التابعة لوزارة الداخلية في حكومة «الوفاق».
تأتي أهمية متابعة الحدث الليبي من كونها تعكس الانقسام الدولي، وتحديداً بين الأمريكيين والأوروبيين، حيث إن درجة التدويل العالية للأزمة الليبية، والدعم الأمريكي المعلن لحكومة «الوفاق» في طرابلس، تعطي الإشارات الواضحة على أن الميليشيات المسلحة التابعة للحكومة في طرابلس، والتي كانت وراء الاشتباكات الأخيرة هدفها تعطيل الحل السياسي الذي سعت له فرنسا من خلال مؤتمر باريس في أيار الماضي.
ميليشيات ليبية بأيدٍ خارجية
بعد الهدوء النسبي الذي ساد في ليبيا عقب انفراج أزمة الموانئ النفطية، شهدت طرابلس اشتباكات جديدة، نتيجة هجوم شنته مجموعة مسلحة تعرف بـ«اللواء السابع» قالت: إنه يهدف لمحاربة الفساد المالي والإداري وسيطرة المليشيات على العاصمة الليبية. ورغم أن حكومة الوفاق هي من أسست هذا اللواء في السابق، فإنها بعد الأحداث الأخيرة تصر على نفي تبعيته لها.
ورغم تضارب المعلومات والتحليلات عن خلفية هذا اللواء والأسباب التي دفعت به إلى تفجير هذه الاشتباكات، فإن الواضح في الأمر أن الميليشيات هي مجرد أدوات تسعى من خلالها أطراف عديدة لإدامة الاشتباك.
تبعات التدخل الخارجي
يستمر المشهد الليبي بالتعقيد، وتستمر دوامة الأزمات، وتبعاتها الأمنية والاقتصادية، إذ لم يجن الشعب الليبي من تفعيل البند السابع في مجلس الأمن، وتدخل الناتو بحجة حماية المدنيين، سوى معاناة وفوضى مستمرة لا حدود لها، وفرنسا التي كانت أحد أطراف التدخل تتوهم اليوم بقدرتها على لعب دور محوري في الملف الليبي.
لكن الوقائع تثبت: أن الحل الناجز والحقيقي يبدو صعب المنال برعاية فرنسية، ودون تحييد جميع التدخلات الخارجية سواء كانت أوروبية أم أمريكية، وإعادة السيادة والقرار إلى الشعب الليبي، وهو ما ينسحب أيضاً على الحلول المتعلقة بالأزمات الأخرى في المنطقة وحول العالم، إذ أن الارتهان للغرب في حل الأزمات يعني اللاحل، فهي غير قادرة بالبنية على الدفع نحو حل سياسي من جهة، ومن جهة أخرى تعاني هي ذاتها من أزمة وانقسامات داخلية.