مرحلة جديدة من الأزمة الليبية

مرحلة جديدة من الأزمة الليبية

تستمر بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا في التحضير لعقد ملتقى الحوار الوطني في شباط المقبل، انطلاقاً مما تم التوصل إليه من اتفاقات مبدئية، حيال خارطة الطريق لحل الأزمة الليبية، والتي وافقت عليها الأطراف المتنازعة داخلياً...

بحسب الخطة التي يسيّرها المبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة، جرى عملياً الانتهاء تقريباً من المرحلة الأولى، بإقرار التعديلات على اتفاق «الصخيرات»، مما يسمح بالانتقال إلى المرحلة الثانية، من إطلاقٍ لحوار وطني شامل، يتضمن التيارات السياسية، التي تم استبعادها من العمليات السياسية السابقة...
تحضيرات داخلية وإقليمية
في سياق إنهاء المرحلة الأولى من خارطة الطريق المعدّة دولياً، جرى التحضير إقليمياً للمرحلة الجديدة، حيث التقى وزراء خارجية دول الجوار الليبي، مصر والجزائر وتونس، في 15 تشرين الثاني الماضي، في لقاء تشاوري، استعرض نتائج المباحثات الخاصة بالأزمة الليبية، بما فيها جلسات الحوار لـ«لجنة الصياغة المشتركة الليبية» التابعة لمجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا.
وفي سياق التحضيرات أيضاً، صوّت البرلمان الليبي المنعقد في طبرق، على التعديلات المقترحة- من الأمم المتحدة- على اتفاق «الصخيرات»، وقال عضو البرلمان، عيسى العريبي: أنه «تم التصويت بالأغلبية، على مقترحات لجنتي الحوار المنبثقة عن البرلمان ومجلس الدولة، والتي قدمها المبعوث الأممي».
بينما ناقش سلامة في 27 تشرين الثاني الماضي، التعديلات مع مسؤولين ليبيين في طرابلس، أثناء زيارة قام بها إلى عدة مدن ليبية، في محاولة لإغلاق المرحلة الأولى بشكلٍ ناجزٍ، وفتح الباب أمام المرحلة الثانية من خارطة الطريق.
أزمة الحدود الليبية
يبدو التطور في المشهد السياسي قادراً بالحد الأدنى على ضبط الأوضاع العسكرية بين الأطراف الكبيرة في ليبيا، وحصر العمليات العسكرية في نطاقات أضيق، لكن حجم الأزمة الليبية، وتحولها إلى وجهة أساس للجماعات المتطرفة، وبالنظر إلى المساحة الجغرافية الواسعة لها، بات من الصعب ضبط آثار الانفلات الأمني على الحدود الجنوبية والشرقية.
في هذا السياق تظهر حوادث أمنية تؤكد مستوى الانهيارات التي أصابت جهاز الدولة الليبي، فبعض الجماعات المسلحة قطعت المياه عن كامل مدينة طرابلس مرات عدة مؤخراً، للضغط من أجل إطلاق سراح أحد حلفائها المسجونين، فيما تستمر عمليات تخريب البنى التحتية من أنابيب لنقل الغاز والنفط وقطع الطرق بين المدن...الخ.
ومن جهة أخرى، تستمر أزمة المهاجرين الذين يقضون غرقاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث وصلت أعدادهم هذا العام إلى ما يزيد عن 3000 مهاجر بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وظهرت في الآونة الأخيرة قضية الإتجار بالبشر، التي تعمل عليها شبكات منظّمة دولياً، استدعت استنكاراً عالمياً واسعاً، لفجاعة التقارير الواردة من داخل ليبيا حول هذه المسألة.
في هذا الصدد، يمكن القول: إن ظاهرة الإتجار بالبشر على مستوى واسع ومنظم في ليببا، وتسليط الضوء عليها مع تقدم الحل السياسي، يثير الشكوك حول أهداف منظّمة وراءها، وبأبعاد سياسية، تحاول إمّا عرقلة الحل بالطريقة الحالية، أو محاولة إجبار الأطراف الليبية على طلب المساعدة الخارجية، والتي ظهرت بوادرها مؤخراً باقتراح مؤسس شركة «بلاك ووتر» العسكرية الأمريكية الخاصة، إريك برنس، على أوروبا، خطة لاحتواء أزمة المهاجرين في ليبيا، اعتماداً على إنشاء قوة أمنية، ونشر 750 مستشاراً أجنبياً هناك، مهمتها التنسيق والقيادة والاتصالات، فضلاً عن استخدام طائرة استطلاع، وبعض المروحيات، للبحث عن مركبات مهربي البشر، متذرعاً بعدم التعويل على الفصائل الليبية المسلحة، التي وُجهت إليها العديد من الاتهامات بمخالفة حقوق الإنسان، وأدانتها الأمم المتحدة بشدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
839