الكارثة الإنسانية في اليمن.. «جريمة العصر»!

الكارثة الإنسانية في اليمن.. «جريمة العصر»!

يمكن التنبؤ بالأزمات الإنسانية الملازمة للحروب، وتحديداً حين اشتداد المعارك على أطراف المدن، والطرق الرئيسة المؤدية إليها، لكن ما يحصل في اليمن يُعتبر سابقة في الأزمات الإنسانية، بالنظر إلى انخفاض «المعارك المباشرة»، كما كان في تعز ونهم وأطراف الحديدة، طوال الأشهر الماضية من الأزمة اليمنية ...

إن انخفاض هذه العمليات العسكرية المباشرة، والتي من شأنها السماح لليمنيين التقاط الأنفاس، لم تتوازَ مع تحسن في الأوضاع الإنسانية، وهذا يرجّح استخدام الكارثة سياسياً، بشكل أساس من جانب «التحالف العربي» بقيادة السعودية، لكن ما الطائل من تعزيز كبرى الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حتى بالمعنى السياسي المبتغى سعودياً ؟

ضغط على الخصوم
المناطق الأكثر تعرضاً للمجاعة والأمراض، هي في العاصمة صنعاء والبيضاء وتعز، وبدرجة أقل في المناطق الجنوبية للبلاد، هنا يمكن فهم السلوك السعودي باتجاهين، الأول هو: الضغط داخل المدن التي تسيطر عليها جماعة «أنصار الله»، و«المؤتمر الشعبي» لوضع هذه الأطراف في مواجهة مع المواطنين، الذين فقدوا أدنى مقومات الحياة. والأمر الآخر، هو عقلية «العقاب الجماعي» الراسخة سعودياً، بعد امتداد المعارك داخل الأراضي السعودية، بعمليات تفخيخ وقنص للجنود السعوديين، واستهداف المدن السعودية الكبيرة بالصواريخ.
في هذا السياق، لا يخفى على متتبع الملف اليمني، إدراك حقيقة وقوع اليمنيين ضحية صدام إقليمي حاد في المنطقة، لكن حتى هذا الأمر لا يشفع وصول أعداد الضحايا، نتيجة الجوع والمرض، إلى أرقام غير مسبوقة في العصر الحديث، فليبيا وسورية والعراق، على الرغم من المأساة الحقيقة التي تعشيها نتيجة الصراعات العسكرية، والتي هي أيضاً أزمات إنسانية كبرى، لكنها تبقى بعيدة عما يحصل في اليمن، فإصابات الكوليرا وحدها هناك وصلت إلى 755 ألف حالة، جعلتها موجة الوباء الأسوأ في التاريخ الحديث، في الوقت الذي يستمر ظهور الأوبئة، وآخرها كان «الدفتيريا» التي أصابت 150 شخصاً في صنعاء.

المطارات لا تكفي
إغلاق مطار صنعاء الدولي بشكل مستمر في الِأشهر الأخيرة، كان واحداً من أسباب منع وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في اليمن، هنا تضغط الأمم المتحدة، والمنظمات التابعة لها، اتجاه إعادة فتح المطار، ونجحت جزئياً بإيصال دفعات من المساعدات الإنسانية عبر مطار عدن، لكن المؤكد أن حجم الكارثة الإنسانية هناك، لا يمكن تخفيف آثارها عن طريق المطارات وحدها، في هذا السياق، يقول ستيفان دوجاريك «المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة» : «في وقت رحّب فيه الأمين العام بإعادة فتح ميناء عدن_ جنوب غرب اليمن_ أمام حركة الملاحة، إلا أنه أكد أن تلك الخطوة ليست كافية، ولن تغيث 28 مليون يمني».
وتابع قائلاً: «الأمم المتحدة تدعو التحالف إلى استئناف الرحلات الجوية إلى مطاري صنعاء وعدن، وإعادة فتح مينائي الحديدة والصليف، حتى يمكن إيصال المساعدات الإنسانية على وجه السرعة».
مؤخراً، وافق «التحالف العربي» على فتح مطار صنعاء الدولي أمام المساعدات، وفعلاً بدأت الرحلات الأولى تصل إلى العاصمة اليمنية، لكن ضمن المنطق نفسه ، الذي وضحته الأمم المتحدة، إن الأزمة في اليمن تحتاج إلى فتح الطرق كافة ، هذا فيما يخص الحلول الإجرائية، لكن وحده عزل الملف الإنساني، والسماح للأطراف المتقاتلة بتشكيل لجان مشتركة من القوى السياسية اليمنية كافة لتيسير أمور الإغاثة، هو ما يخفف من هول الكارثة في البلاد، وهذا الأمر ممكن، وتشهد الأزمة اليمنية على بعض التجارب، التي كانت تترافق مع طاولة الحوار في جنيف، أو الكويت، بانتظار الحل الناجز للأزمة اليمنية، التي تنتقل تدريجياً إلى واجهة البحث إقليمياً ودولياً، بعد الاقتراب من وضع أساسات الحل النهائي في سورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
838