«ولادة لاتينية عنيفة» في وجه التدخل الأمريكي
رغم المحاولات الواسعة لإعاقة تشكيل الجمعية التأسيسية في فنزويلا، وتحديداً في دول الأمريكيتين، عقدت الجمعية الأسبوع الماضي اجتماعها الأول برئاسة وزيرة الخارجية السابقة، ديسلي رودرجيز، حيث تتمتع الجمعية بصلاحيات واسعة من بينها حل البرلمان وإعادة صياغة الدستور، كما أنها لا تخضع لا إلى البرلمان ولا إلى الرئيس نيكولاس مادورو.
يقول الرئيس مادورو إن: «الجمعية التأسيسية ولدت «ولادة عنيفة»»، أي: أن هذا الخيار ليس الخيار الأفضل أمام الاشتراكيين في فنزويلا، إلّا أن دراسة الخيارات المتاحة فرض هذا الخيار نتيجة الانقسام السياسي، ورفض المعارضة الليبرالية اليمينية للحوار حول تشكيل حكومة موحدة تواجه الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد...
وجه القباحة الأمريكي
تهاجم واشنطن «ديكتاتورية» حكومة الرئيس مادورو المزعومة، بفرض عقوبات اقتصادية واسعة على الشعب الفنزويلي!، ودعمها السياسي وغير السياسي للمعارضة الليبرالية هناك، للوقوف على التضاد مع الحكومة الفنزويلية في البرلمان والشارع، وذلك لافتعال أزمة سياسية تضاف إلى الأزمة الاقتصادية الحادة، التي تمر بها البلاد، وبالتالي، وضع الحكومة الفنزويلية تحت ضغط المهمات الثقيلة وحيدة، مما حدا بالرئيس مادورو نحو خيار تشكيل الجمعية التأسيسية، والبدء بأعمالها فعلاً.
هنا، وجدت واشنطن نفسها أمام حالة العجز من التأثير السياسي، وحتى الاقتصادي رغم تأثير العقوبات الحاد في ذلك المجال. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى مصادر في شركة النفط الحكومية الفنزويلية «PDVSA» قالت إن كاراكاس تسلمت دفعات نقدية من شركة النفط الروسية «روس نفط»، استخدمتها فنزويلا لسداد جزء من مستحقاتها المالية، بحسب ما ذكرته وكالات أنباء، كما تصر الشركات الروسية ومن بينها شركات النفط الروسية على استمرار عملها في فنزويلا وتطويره في المجالات كافة، وهو بحد ذاته ما يثير الصداع في رأس واشنطن في حال استمرار نشاط روسيا في ما كانت تعتبره واشنطن «حديقتها الخلفية».
هذه التطورات التي لا تسير بحسب المخطط الأمريكي في تحويل فنزويلا إلى دولة فاشلة ملحقة بالسياسات الأمريكية، دفع الرئيس دونالد ترامب إلى إشهار نوايا الولايات المتحدة بالتدخل العسكري في فنزويلا، وأكدها نائبه مايك بينس الذي قال أثناء زيارته إلى كولومبيا: «إن الولايات المتحدة لن تسمح بإقامة ديكتاتورية في فنزويلا، وستستخدم كل قوتها الاقتصادية والدبلوماسية من أجل إعادة إرساء الديمقراطية هناك»، مضيفاً: «الرئيس ترامب أفهمنا بوضوح أننا لن نقف مكتوفي الأيدي نراقب انحدار فنزويلا نحو الديكتاتورية»، زاعماً أن تحول فنزويلا إلى «دولة فاشلة»، سيهدد أمن ورخاء دول نصف الكرة الجنوبي والشعب الأمريكي أيضاً، وهي العبارات التي نسمعها من الأمريكي كلما ازدادت الحاجة بالنسبة له لتوسيع نطاق تدخلاته في القارة الجنوبية.
أمريكا الجنوبية متحدة
وعلى الرغم من المواقف المتباينة لدول أمريكا الجنوبية بشكل عام، إلا أنه ثمة إجماع شبه تام منها على رفض أي تدخل عسكري في فنزويلا، حتى أن المعارضة الفنزويلية اضطرت إلى رفض هذه التصريحات الأمريكية، كونها تدرك حساسية الشارع الفنزويلي بكليته لأي عمل عسكري حتى في ظل وجود انقسام سياسي في البلاد.
يبدو أن واشنطن في طريقها للابتعاد عن التصعيد في الخطاب إلى حدود توسيع التدخلات في أمريكا اللاتينية، والعودة إلى سياسة الضغط بالطرق الدبلوماسية والاقتصادية، كما جاء على لسان نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، الذي قال من بيونس آيرس أنه «واثق من التوصل إلى حل «سلمي»، بشأن فنزويلا، من خلال ضغوط اقتصادية ودبلوماسية على الرئيس نيكولاس مادورو».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 824