البحث عن الإرهاب على الإنترنت
يثير العنوان الذي أوردته وكالات الأنباء الفرنسية والبريطانية حول زيارة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إلى فرنسا يوم 13 حزيران الجاري لبحث «محاربة التطرف والإرهاب في الفضاء المعلوماتي» أسئلة عديدة حول طبيعة هذا التعاون وإمكاناته الفعلية.
السؤال الأول في هذا الصدد: هل تتم معالجة الإرهاب معلوماتياً فقط؟ والتركيز على هذه النقطة وترك النقاط الواضحة المتمثلة في تمويل الإرهاب من خلال شبكات التمويل الإجرامية، أو التركيز على إعادة استقرار العالم الذي كانت الدولتان جزءاً أساسياً من حالة عدم الاستقرار التي عاشها؟
والثاني: هل هذا الطرح مقدمة لتكبيل الحريات الخاصة في البلدين عقب فشل تيريزا ماي في الحصول على الأغلبية خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخراً، فضلاً عن عدم مشاركة أكثر من نصف الفرنسيين في انتخاباتهم البرلمانية، وتحوُّل المعارضة من البرلمان إلى الشارع؟
التفكير انطلاقاً من العجز
جعلت الحوادث الإرهابية التي راح ضحيتها العشرات في فرنسا وبريطانيا في الأشهر الستة الأخيرة البلدين أمام ضغط شعبي كبير لتحقيق الأمان. وكان لا بد من إجراءات ما عقب الحادث الإرهابي الذي جرى في بريطانيا قبل الانتخابات البرلمانية، فكانت الزيارة بين البلدين الحليفين المتراجعين اللذين يتلقيان الضربة تلو الاخرى لبحث «استراتيجية أمنية» تمخضت عن إعلان الرئيس الفرنسي أن البلدين وضعا خطة لمحاربة التطرف والإرهاب عبر الشبكة العنكبوتية.
عملياً، لا تختلف هذه الاستراتيجيات عن منطق وفهم الكثير من أنظمة دول «العالم الثالث» التي تنطلق من عجزها عن مواجهة الإرهاب اقتصادياً واجتماعياً، لتصب كامل وعيها السياسي المتخلف على فكرة «تحسين أخلاق الأفراد و إبعاد الشباب عن براثن الإرهاب والتطرف» التي ترى رئيسة الوزراء البريطانية أن بلادها كانت «متسامحة بشكل غير مبرر عن التطرف». فهل يدخل تسامح بلادها في عملية تمويل المنظمات الإرهابية العالمية؟
المراقبة أم القضاء على الإرهاب؟
ما يشهده النظامان الفرنسي والبريطاني من تغيرات هي تغيرات لا مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية، فقد حصل حزب ماكرون على أغلبية برلمانية لا شعبية، وانتقلت المعارضة إلى الشارع وهي مفتوحة على كل الاحتمالات اليوم. أما تيريزا ماي، فتشهد صراعاً على دور الدولة الاجتماعي وصراعاً حول الخروج من الاتحاد الأوروبي فقد من خلاله الحزب الحاكم أغلبيته البرلمانية. بينما يعيش البلدان تحت الضغط الأمني المكثف ليس بسبب الحوادث الإرهابية التي تقف خلفها قوى المال فحسب، بل وكذلك الاحتقان الاجتماعي الذي أخذ بالغليان مؤخراً.
أما «استراتيجية المراقبة» التي يتحدث عنها البلدان، فهي في الحقيقة للاستهلاك الإعلامي محلياً، كي يقال أنهما يفعلان شيئاً ما ضد الإرهاب. لكن الواقع أن تمدد الإرهاب سابقاً، والتأخر في مواجهته اليوم هما السمة العامة لمنطق التعاطي الغربي في هذه المسألة، حيث لا تزال ورقة الإرهاب «ورقة رابحة» بيد الغرب لعرقلة صعود الخصوم الاستراتيجيين المتمثلين بروسيا والصين وغيرهما من قوى القطب الصاعد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 815