انتخابات فرنسا: تقدم متسارع لمرشح اليسار
تُفتح ستارة الانتخابات الرئاسية الفرنسية عن مشهدٍ مرتبكٍ وقلق: أزمة اقتصادية عميقة، تتضمن ارتفاعاً غير مسبوق في مستويات الفقر والبطالة، تغييرات و «إصلاحات» تعمل على سلب المكتسبات الاجتماعية المحققة بنضالات الحركة العمالية والنقابية والحركة الشيوعية الفرنسية، فضلاً عن أزمة الفضاء السياسي المتجسدة بتراجع الأحزاب التقليدية، والانقسامات الحاصلة لدى الحزبين اللذين تعاقبا على حكم فرنسا، وكذلك صعود قوى سياسية جديدة من اليمين واليسار...
من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، المزمع بدء جولتها الأولى في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، برز مؤخراً بشكل متصاعد اسم المرشح اليساري عن حركة «فرنسا الأبية»، جان لوك ميلانشون، الذي تقدم تصنيفه في استطلاعات للرأي حول التصويت في الجولة الأولى نقطتين، ليصل إلى (17 نقطة)، والذي أثار حصوله على المركز الأول كالمرشح الأكثر إقناعاً في أول مناظرة سياسية ضمت المرشحين الـ11 جميعهم ضجةً في وسائل الإعلام، في الوقت نفسه الذي تراجع فيه مرشحو الحزبين التقليديين المهيمنين على الساحة السياسية إلى مستويات تاريخية، بينوا آمون عن الحزب الاشتركي (٩ نقاط) وفرانسوا فيلون عن حزب وحدة من أجل الحركة الشعبية (١٩ نقطةً).
الخروج من الناتو والتحالف مع بريكس
عقد ميلانشون، مؤخراً لقاءً جماهيرياً ركز على قضايا الأمن والسياسة الدولية،طالب فيه ألا تكون فرنسا جزءاً مشاركاً في التحركات الإمبراطورية للولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك في أداتها العسكرية لفرض الهيمنة، والمتمثلة حسب اعتقاده بحلف شمال الأطلسي.
واعتبر ميلانشون أنه قد جرى في الماضي، وتحديداً خلال الحرب الباردة بناء حلف الناتو من قبل الولايات المتحدة، ومن أجلها، قائلاً إن الحاجة إلى هذا الحلف قد انتفت، معللاً ذلك باختفاء عدوه المتجسد بالاتحاد السوفييتي.
ورأى المرشح اليساري عن حركة «فرنسا الأبية» أن حلف الناتو يخدم عملية تجنيد الدول الأوروبية خلف الولايات المتحدة، وشدد على تباين المبادئ والأهداف لكل من فرنسا والولايات المتحدة، وطالب على هذا الأساس- بالانسحاب من حلف الناتو، ورفض مشاركة فرنسا في أية تحالفات عسكرية دائمة، باستثناء عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما دعا ميلانشون إلى مؤتمر يشمل دول أوروبا كلها، من الأطلنطي حتى الأورال من أجل مناقشة ومعالجة قضايا الحدود العالقة منذ ما بعد تفكك الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي، وتحديداً في شرق أوروبا ووسطها، مؤكداً على أن حل هذه المشاكل لا يمكن أن يتم إلا عبر الحوار
وحول العلاقة مع الدول الصاعدة، أشار ميلانشون: إن مهمة فرنسا تكمن داخل الأمم المتحدة، وكذلك من خلال التعاون مع البلدان الصاعدة وتكوين حلف عالمي بديل معها. أما عن العلاقة مع مجموعة بريكس، فقد أكد ميلانشون على ضرورة انخراط بلاده ببنك التنمية التابع لمنظمة بريكس، وبناء تحالف عالمي جديد مع المنظمة ذاتها، على أن يكون هذا التحالف مفتوحاً للجميع، ومستنداً إلى استقلال كل دولة من أعضائه، والتعاون فيما بينها، وتعزيز النظام الدولي الشرعي للأمم المتحدة.
إلغاء الحكم المطلق الرئاسي
وخلال المناظرة، طرح ميلانشون نقاطاً من مشروعه السياسي بما يخص الداخل الفرنسي، حيث طالب ميلانشون بإنهاء ما يصفه بـ«الحكم المطلق الرئاسي» في فرنسا، داعياً لإقامة الجمهورية الفرنسية السادسة، عبر صياغة دستور جديد، وخفض صلاحيات الرئاسة في مقابل رفع صلاحيات البرلمان، الأمر الذي يرى أنه يجب أن يجري من خلال تشكيل مجلس تأسيسي (عبر انتخابات مباشرة وقرعة)، على ألا يشارك فيه أي من النواب والسياسيين السابقين.
وأكد ميلانشون: أن النظام السياسي الذي يقترحه يزاوج بين استقرار وفاعلية الأجهزة والهيئات المنتخبة من جهة، ومن جهة أخرى التحكم الديمقراطي الشعبي بهذه الهيئات والمقدرة على التدخل وتصحيح هذه السياسات.
معالجة أسباب اللجوء والهجرة
وفيما يتعلق بمسألة اللجوء، شدّد المرشح اليساري على أن خيار اللجوء والهجرة ليس خيار نزهة بالنسبة للاجئين، بل تجربةً مريرةً على من يعيشها، ودعا إلى معالجة أسباب اللجوء، المتمثلة بالحروب والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الدول، وعلى هذا الأساس، أكد أنه على فرنسا أن تنتهج سياسة سلم عالمي وتعاون اقتصادي تضامني.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 805