موسكو إلى واجهة الحل السياسي في ليبيا..
توقف عملياً النشاط السياسي لحل الأزمة الليبية، بعد توقيع أطراف النزاع في 17/كانون أول/2015 على «اتفاق الصخيرات» الذي نتج عنه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، على أن يبقى المجلس النيابي في طبرق كهيئة تشريعية...
يمكن اعتبار نتائج «اتفاق الصخيرات» في حينها مرحلةً على طريق الحل السياسي للأزمة الليبية وليست حلاً ناجزاً للأزمة، وهو (أي الاتفاق) تعبير عن موازين القوى الدولية والإقليمية المحيطة بالحدث الليبي في حينها، أي في نهايات العام 2015...
تحريك الملف السياسي مجدداً
في الأشهر الأخيرة، زاد النشاط الروسي على خط الأزمة الليبية، بمبادرات ووساطة بين الأطراف المتنازعة داخلياً، تم دعوتها تباعاً لعقد مناقشات حول سبل حل الأزمة، حيث بحث نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، في موسكو 13/آذار الحالي، مع عبد الباسط البدري، مبعوث قائد الجيش الليبي، خليفة حفتر، التطورات الأخيرة في الملف الليبي، وجاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية في هذا الصدد: إن المحادثات شملت «تبادلاً مفصلاً للآراء حول تطورات الوضع في ليبيا، بالتركيز على أهمية حوار شامل بمشاركة ممثلين عن القوى السياسية الأساسية جميعها والمجموعات القبائلية والمناطق». كما كانت موسكو قد استضافت بداية الشهر الحالي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج.
إلى هذا، يبدو التنسيق متزامناً بين الطرفين الروسي والمصري، فيما يخص الأزمة الليبية، وهو الأهم عملياً في محيط ليبيا، مع الإشارة إلى امتعاض الرئيس التونسي السبسي، من النشاط الروسي ليتوافق بذلك مع المخاوف البريطانية والأمريكية المعلنة حيال هذه المسألة، حيث قال السبسي، في حوار لصحيفة «العرب» اللندنية: «ماذا نفعل إذا وجدنا روسيا جاراً بتدخلها في الملف الليبي كما حدث الأمر مع الملف السوري؟.. ما هي مبادراتنا إذا اتفق الروس مع الأمريكيين والأوروبيين على جدول تدخل في ليبيا؟»، مشدداً على أن دول الجوار هي التي «ستدفع الثمن من أمنها واقتصادها واستقرارها».
لماذا القلق؟
هنا يبدو السبسي «محقاً» في قضية واحدة هي: إن الوجود الروسي بما يحمله من مبادرات حل، مهمتها فتح إمكانيات الحوار المباشر بين الأفرقاء الليبيين، من شأنه أن يضعف مواقف الدول التي أخذت على عاتقها طوال سنوات الحرب حل الأزمة الليبية، ولم تستطع إلا أن ترى حل الأزمة الليبية من منظور المكاسب السياسية والاقتصادية لها، والأمر ينساق على أوضاع الدول الأوروبية، التي عزفت عن إيجاد حل للأزمة اليمنية، وبالتالي، فإنه من المرجح أن نشهد حراكاتِ موازيةً للحراك الروسي والمصري الجاري حالياً، بغية البقاء في دائرة الحل للأزمة الليبية، وهو ما يصب عملياً في مصلحة الليبيين، الذين تزداد فرص نجاحهم في إخراج بلادهم من دوامة الحرب الحالية.
إلا أن ذلك لا يعني بالطبع، أنّ رغبة روسية بالحضور العسكري في شمال أفريقيا قد اتخذت، وهو ما يجري استبعاده اليوم نظراً لفقدان الحاجة إلى سيناريو كهذا، لا سيما أن سقف المطالب الروسية في ليبيا يتجسّد اليوم في إنجاز حل سياسي، وكف يد الغرب عن العبث بمستقبل ليبيا، بما في ذلك منع تحول البلاد إلى قاعدة انطلاق للتنظيمات الإرهابية، نحو أماكن أخرى من العالم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 802