صربيا وأوكرانيا: حلقات في سلسلة توتير أوروبا الشرقية
كانت الحروب التي اندلعت في يوغسلافيا السابقة، منذ العام 1992، وغزو حلف «الناتو» لها في عام 1999، قد حدثت في ظل موازين قوى دولية، كانت الزعامة العالمية فيها للولايات المتحدة، كما كانت هذه الحروب تسمى اصطلاحاً وترميزاً «الحرب العالمية الثالثة».
خلقت هذه الحرب يوغسلافيا مقسّمة إلى عدة جمهوريات: سلوفينيا، صربيا، كرواتيا، البوسنة والهرسك، الجبل الأسود، مقدونيا، وبعد تقسيمها على هذا الشكل، قام «الناتو» بتفتيت المفتت، فظهرت كيانات في قلب هذه الجمهوريات: كوسوفو، صرب البوسنة، فوجفودينا، ألبان مقدونيا وصرب كوسوفو وكيانات صغيرة أخرى يجري استخدامها لخلق التوتر السياسي في أوروبا الشرقية على تخوم روسيا.
حاول الغرب تنظيم انفجار سياسي في مقدونيا سنة 2015، عبر استخدام «مظاهرات معارضة وأخرى موالية وإطلاق مجموعات مسلحة» ومحاولة إحياء القوميين المتعصبين مشروع «ألبانيا الكبرى»، ولكنهم فشلوا في ذلك، مما يدل على تضاؤل قدرة الولايات المتحدة والغرب على تفجير أزمات كبرى، وهذه هزيمة سياسية.
قطار التوتر
السياسي في صربيا
جديد محاولات التأزيم في البلقان، هو قطار التوتر السياسي بين صربيا وكوسوفو قبل أيام، وكان قطار الرّكاب الذي أصبح سبباً للتوتر، متوجهاً من بلغراد إلى مدينة كوسوفكا ميتروفيتسا في إقليم كوسوفو، وذلك للمرة الأولى منذ العام 1999. ولم يصل القطار إلى المحطة المقصودة، بسبب وجود تهديد لأمنه، فتوقف في مدينة راشكا، وهي المحطة الأخيرة قبل الحدود الإدارية بين المناطق الواقعة وسط صربيا، من جهة، وكوسوفو، من جهة أخرى. وأجبر القطار، بعد ساعات عدة من الانتظار، على العودة والتوجه إلى العاصمة الصربية بلغراد، التي وصل إليها صباح الأحد حسب وكالات الأنباء.
بعد حادثة القطار هذه، جرى تبادل التراشق الإعلامي بين صربيا وكوسوفو، وأعلن الرئيس الصربي، توميسلاف نيكوليتش، أنه سيرسل قوات عسكرية إلى كوسوفو، في حال وجود أي تهديد لسكان بلاده من قبل السلطات الألبانية في الإقليم.
وجاء هذا التصريح على خلفية تصعيد حدة التوتر في العلاقات بين صربيا والسلطات الألبانية، فيما يسمى بجمهورية كوسوفو المعلنة من طرف واحد، بعد رفضها، السبت 14/كانون الثاني، السماح لقطار ركاب قادم من بلغراد بالمرور عبر الأراضي الخاضعة لسيطرتها، مهددة باستخدام قواتها الخاصة. وجاءت هذه الحادثة بعد أيام من تصريحات رئيس جمهورية صرب البوسنة والهرسك، ميلوراد دوديك، التي نقلتها جريدة «كوميرسانت»، وهي: التصريحات التي دعت إلى قيام «صربيا الكبرى».
أي حديث، أو شروع بقيام الكيان القومي الأكبر الفلاني في شبه جزيرة البلقان، يعني توجيه الأمور إلى قيام نزاع عسكري شامل يمتد من اليونان حتى هنغاريا والنمسا، ومن تركيا حتى الحدود الإيطالية الشرقية، واستخدام ذلك في تصعيد الصراع بين روسيا والغرب.
ويُذكر أن صربيا من البلدان التي رفضت خسارة علاقاتها مع روسيا، بسبب أوروبا، في العام 2014، كما تعارض صربيا نصب الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا الشرقية، وكان مجلس النواب الروسي قد اجتمع، في حزيران 2016، مع أعضاء برلمانات دول الناتو، والجمعية العمومية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وممثلين عن الهيئات التشريعية في صربيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك ومقدونيا، من أجل حوار يهدف لتخفيف التوتر في أوروبا وتهيئة الظروف الدولية لذلك.
مباحثات حول الأزمة الأوكرانية
بحث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع نظيره الفرنسي، جان مارك إيرولت، بتاريخ 6 كانون الثاني 2017 أزمتي سورية وأوكرانيا. وخلال بحث الوزيرين الوضع في أوكرانيا، شددا على عدم وجود أي بديل لاتفاقات مينسك الخاصة بتسوية النزاع في دونباس، حسب ما نقلته وكالة «تاس» الروسية.
كما بحث الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الموضوع ذاته مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الأوكراني، بيتر بوروشينكو، في اتصالين هاتفيين قبل أيام حسب «أوكرانيا برس».
وجاء في بيان قصر الإليزيه: أن الاتصالين تناولا بشكل أساسي اتفاقيات «مينسك» التي وضعت خارطة طريق لإنهاء النزاع في أوكرانيا، وكذلك اتفقوا على الالتزام بمجموعة «رباعية النورماندي» لتسوية القضايا العالقة، مثل: سحب الأسلحة الثقيلة من منطقة الصراع، وتنظيم الانتخابات شرق أوكرانيا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 794