كمال الخطيب كمال الخطيب

ماذا بعد «رق الأمم»؟!

لم يمض زمن طويل بعد على إلغاء رق الأفراد الذي سالت لأجله دماء الثوار، وانسكبت لدثره مداد أقلام الأحرار فاستبشر العالم ببدء عصر الحضارة والمدنية، نظاماً ظنه بعضهم نظاماً عالمياً جديداً ـ مدنيا ًحقيقياً ـ ولكن عتاة الرأسماليين من صهاينة وأمريكانيين وغيرهم أرادوه نظاما ًيكرس مصالحهم ويطلق يدهم إرهابا ًونهباً، بطشاً وقهراً سواء للأفراد الذين شقوا عصا الطاعة على الأمريكا وحلفائها كالخميني وكاسترو وحسن نصرالله وغيرهم كثير، أو للأمم والشعوب الطامحة لاستقلالها وحرية شعبها كشعوبنا العربية، فكان أن أحلت محل «رق الأفراد» نظاماً بائداً، «رق الأمم» نظاماً عالمياً جديداً على حد تعبير أمير البيان العلامة شكيب أرسلان الذي قال قبل نصف قرن: «نعم أغفت المدنية الحديثة رق الأفراد، وسنت رق الأمم».

وما أدل على ذلك في زماننا من رؤية النظام الأمريكي «الاسترقاقي» يمعن في حصار كوبا والعراق وليبيا وإيران ويوغل في تدخله العسكري لخدمة مصالحه في كل مكان مقسماً العالم كله إلى عالم أخيار العولمة وعالم أشرار كباقي شعوب العالم، وما هو بعادل أو خير إذ يضع إسرائيل دولة أخيرة محتلة ارض الغير وصهيونية عنصرية في قائمة دول الخير رغم أن العالم كله يرى غير ذلك.

نعم إن أمريكا وإسرائيل ومن يقف معهما من أوروبيين وغير أوروبيين يمارسون استرقاق  الأمم.. فماذا بعد؟
إن دم الثوار الذي زهق ومداد أقلام الأحرار الذي انسكب إيذاناًَ بانتهاء عصر استرقاق الأفراد، يزهق وينسكب الآن وعلى امتداد الكرة الأرضية إيذاناً بانتهاء عصر استرقاق الأمم والشعوب، وإلا فماذا يعني طرد أمريكا من لجنتين من لجان الأمم المتحدة (حقوق الإنسان ـ البيئة) وماذا يعني استنكار العالم كله للسياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل دون قيد أو شرط، وماذا يعني استقواء لحم الأطفال الفلسطينيين أمام جنازير الدبابات الأمريكية في فلسطين، أو انتصار إرادة ا لمقاومة اللبنانية على إسطورة الجيش الإسرائيلي، أو المظاهرات المناهضة للعولمة في جميع القارات، وماذا يعني الإجماع العالمي على العداء للسياسة الأمريكية ومحاولات شق عصا الطاعة عليها حتى  من أقرب حلفائها؟
إنه عصر الشعوب الذي لابد أن ينتصر... فماذا  بعد رق الأمم سوى تحررها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
177